الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة .
سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 49 :
الموضوع :
سماء الأحدية في التحقيق ؛ هو : " الخليفة الأرضي " .
إن النّسبة الصّحيحة لصاحب الأحدية و الواحدية الأصليّة ، أي ذلك الذي ملكَ أرض التجليّات الواحدية من سماء الأحدية ، فهي في قبضته ؛ بدليل قوله تعالى : " وَ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَ الْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ السَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ( 67 ) " سورة الزمر . لا يفوتُه منها شيءٌ لا قليل و لا كثيرٌ ؛ بدليل قوله تعالى : " وَ كُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ( 12 ) " سورة يس . تكون للإمام المهدي ابن مريم المحمدي عليه السلام . فهو صاحب الأحدية ؛ لأنّه حقيقة الواحدية ـ أي : صاحب التجليّات الذاتية التامة ـ ، بل إنه عينُ التجليّات المفاضة من سماء الذات ، فهو المتحقّق بالعينية و الأصالة و السذاجة و الذاتية . فتجلي الأحدية لا يكون إلاّ لصاحبها الذاتيّ الذي ثبتت لهُ بالوسع و العلم المطلق و الخلافة الكاملة ؛ بدليل قوله تعالى : " وَ لِلّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ( 115 ) " سورة البقرة . و لقد إعترف النبي صلى الله عليه و سلم بإنه ليس صاحب الأحدية ؛ بقوله صلى الله عليه و سلم : " لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ " صحيح مسلم | كِتَابٌ : الصَّلَاةُ | بَابٌ : مَا يُقَالُ فِي الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ . أي كما أثنيت على نفسك بخليفتك " أحمد " . و لذلك علمه ـ عز و جل ـ دعاء ؛ هو : " وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ( 114 ) " سورة طه .
لقد أشار الشيخ عبد الكريم الجيلي قدّس الله تعالى سرّه الشريف إلى هذه النكتة العرفانية ؛ فقال : " .. ألا ترى إلى قوله تعالى ، حيث أخبر عن سليمان ؛ أنّه قال : " هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي " . فقال في جوابه : " فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ " . ثمّ عدّد ما أوتي سليمان من الاقتدارات الإلهية ، و لم يقل فآتيناه ما طلب ؛ لأنّ ذلك ممتنع اقتصاره على أحد من الخلق لأنّه اختصاص إلهي . فمتى ما ظهر الحقّ تعالى في مظهر بذاته كان ذلك المظهر هو خليفة الله في أرضه ، و إليه الإشارة في قوله تعالى : " وَ لَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ " . يعني الصالحين للوراثة الإلهية . و المراد بالأرض هنا : الحقائق الوجودية المنحصرة بين المجالي الحقيّة و المعاني الخلقيّة ، و إليها الإشارة في قوله : " إنّ أرضي واسعة فإيّاي فاعبدون " . فإن قلت : إنّ دعوة سليمان مستجابة ؛ باعتبار أنّ المملكة الكبرى لا تنبغي لأحد من بعد الله ، و هو حقيقة سليمان ؛ فقد صحّت الدعوة له " . فقد صدقت . و إن قلت : " إنّ دعوة سليمان غير مستجابة ؛ باعتبار عدم قصر الخلافة عليه ، و أنّ ذلك قد صحّ لمن بعده من الأقطاب و الأفراد . فقد صدقت . فاعتبر كيف شئت ، فلمّا علم داود امتناع قصر الخلافة عليه ، ترك هذا الطلب . فطلب سليمان تأدّباً إلهياً يريد تفرّده بالمظاهر الإلهية؛ لتفرّد حقّه بها . و هذا و لو كان ممتنعاً ؛ فهو جائزٌ الطلب للوسع الإلهي و الإمكان الوجودي . و لكن لا يعلم أحد صحّ له ذلك أم لا . و في هذا المقام أخبر الحقّ تعالى عن أوليائه ؛ فقال تعالى : " وَ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ " و " سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ " . فصار من هذا الوجه ممتنعا . فلهذا قال الصدّيق الأكبر : " العجز عن درك الإدراك إدراك " . و قال عليه الصلاة و السلام : " لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ " . فتأدّب صلّى الله عليه و سلّم في طلب ما لا يمكن حصوله ، و اعترف بالعجز لكمال ربّه ، و كان عليه الصلاة و السلام أعرف بربّه من سليمان ، لأنّ سليمان عرف ما ينتهي ؛ فطلب حصوله . و محمّدا صلى الله عليه وسلم عرف ما لا ينتهي ؛ فتأدّب عن طلب إدراك ما لا يدرك . أعني تأدّب ؛ فترك الدعاء بحصول ذلك لعلمه أنّ الله لم يجعله لأحد . و إنّه خصوصية فيه ذاتية ؛ استأثر الله تعالى بها عن سائر خلقه . فانظر بين من لمعرفته بربّه حدّ ينتهي ، و بين ما لا حدّ لمعرفته بربّه و لا نهاية لها " كتاب " الإنسان الكامل في معرفة الأواخر و الأوائل " باب : " في الزبور " .
أقول :
فأنظر ، كيف فسر الشيخ المحقق الأرض بالحقائق الوجودية المنحصرة بين مجالي الحقية و الخلقية . ثمّ أنظر ؛ كيف بين أنّ للخلافة الكبرى خصوصية ذاتية ؛ استأثر بها الله تعالى عن سائر خلقه . ثم أنظر ، كيف بين أنّ النبيّ صلّى الله عليه و سلّم كانت معرفته بربّه كاملةً ؛ فلم يطلب إدراك ما لا يمكنُ إدراكه . ثمّ أنظر كيف بين أن المظهر الذاتيّ الذي استوجبَ هذه الخلافة الذاتية الكاملة و المملكة الكبرى في الأرض ، هو خليفة الله الذاتي في الأرض ؛ بقوله : " فمتى ما ظهر الحقّ تعالى في مظهر بذاته ؛ كان ذلك المظهر هو خليفة الله في أرضه " . فسماء الأحدية في التحقيق ؛ هو الخليفة الأرضي . فهو خليفة في أرض الكثرة و العدد ، و ليس هو سوى المعنى الأحديّ و الحقيقة الكليّة المطلقة ؛ الغير مُدْرَكِ كنهها.
و الله تعالى أعلم .
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
............ يتبع بإذن الله تعالى .................
تعليقات
إرسال تعليق