التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الإمام المهدي في قصيدة الشيخ الجيلي .

 الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة .


سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 37 :


الموضوع :

الإمام المهدي في قصيدة الشيخ الجيلي .







      يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي رحمه الله تعالى في كتابه " الإنسان الكامل في معرفة الأواخر و الأوائل " ؛ ما يلي :


ـ ذاتٌ لـهـا في نفسها وجْهَـانِ * للسّفل وجهٌ و العُلا للثانـي .

ـ و لكلّ وجْهٍ في العـبـارة و الأدا * ذاتٌ و أوصافٌ و فِعْلُ بَيَانِ .

ـ إن قلت واحدة صدقْتَ و إنْ تقُلْ * اثـنانِ حـقّاً إنّـه اثنـانِ .

ـ أو قلتَ لا بل إنّهُ لمثلّثٌ * فصدقْتَ ذاك حقيقةُ الإنسانِ .

ـ أنظر إلى أحدية هي ذاتُهُ * قل واحدٌ أحدٌ فريدُ الشانِ .

ـ و لئن ترى الذاتين قلت لكِوْنِهِ * عبدًا و ربًّا إنّه اثنانِ .

ـ و إذا تصّفحتَ الحقيقة و التي * جمَعَتْهُ ممّا حكمُه ضدّانِ .

ـ تحتارُ فيهِ فلا تقولُ لسُفلِه * علو و لا لعلوّه داني .

ـ بل ثمّ ذلك ثالثاً لحقيقة * لحقت حقائق ذاتها وصْفانِ .

ـ فهي المسمّى أحمد من كون ذا * و محمّد لحقيقة الأكوانِ. 

ـ و هو المعرّف بالعزيز و بالهدى * من كونه ربّاً فداهُ جناني .

ـ يا مركز البيكارِ يا سرّ الهدى * يا محور الإيجاب و الإمكانِ .

ـ يا عينَ دائرة الوجودِ جميعَهُ * يا نقطة القرآن و الفرقانِ .

ـ يا كاملاً و مُكَمِّلاً لأكَامِلٍ * قد جمّلوا بجلالة الرّحمنِ .

ـ قطب الأعاجبِ أنت في خلواته * فلكُ الكمالِ عليك ذو دورانِ .

ـ نُزّهْتَ بل شُبِّهتَ بل لكَ كلّما * يدري و يجهلُ باقياً أو فاني .

ـ و لك الوجود و الإنعدام حقيقة * و لكَ الحضيضُ مع العُلا ثوبانِ .

ـ أنتَ الضياءُ و ضدّهُ بل إنّما * أنتَ الظلامُ لعارفٍ حيرانِ .

ـ مشكاتُه و الزيتُ معْ مصباحه * أنت المرادُ به و من أنشاني .

ـ زيتُ لكونك أوّلا و لكونِكِ المـ * ـخلوق مشكاة منيرٍ ثاني .

ـو لأجل ربّ عين وصفك عينُه * ها أنتَ مصباح و نورُ بياني .

ـ كن هادياً لي في دجى ظلماتكم * بضيائكم و مكمّلاً نقصاني .

ـ يا سيّد الرّسل الكرامِ و من لهُ * فوق المكانِ رتبةُ الإمكانِ .

ـ أنت الكريمُ فخذ فلي بك نسبةٌ * عبد الكريم المحبُّ الفاني .

ـ خذ بالزمامِ زمامِ عبدك فيك كي * يرخى و يطلق في الكمال عناني .

ـ يا ذا الرّجاء تقيّدت بك مهجتي * بل للمحبّة قد دعاك لساني .

ـ صلّى عليك اللهُ ما غنّت على * معنى تصاوير لهنّ معاني .

ـ و على جميع الآلِ و الصّحبِ الذي * كانوا لدار الدين كالأركانِ .

ـ و الوارثين و من لهُ في سوحكم * نبأٌ و لو بالعلم و الإيمانِ .

ـ و عليك صلّى الله يا حاء الحيا * يا سين سرّ الله في الإنسانِ .


      و يقول الشيخ الأكبر رضي الله تعالى عنه و رضي عنه في كتابه " الفتوحات المكيّة " : { "إني جاعل في الأرض خليفة " يُؤمن به من كل خيفة ، أعطاه التقليد ، و مكّنه من الإقليد . فتحكّم به في القريب و البعيد ، و جعله عينَ الوجود ، و أكرمه بالسجود . فهو الرّوح المطهّر ، و الإمام المدبِّر ، شفّعَ الواحدَ عينه ، و حكم بالكثرة كونَه ، و إن كان كل جزء من العالم مثله في الدلالة ، و لكنّه ليس بظلّ . فلهذا انفرد بالخلافة ، و تميز بالرسالة ، فشرّع ما شرع ، و أتبَع و اتّبع . فهو واسطة العقد ، و حامل الأمانة و العهد } .


أقول :


      فأما قوله :

ـ و لئن ترى الذاتين قلت لكِوْنِهِ * عبدًا و ربًّا إنّه اثنانِ .

؛ فمعناه :  أن للإمام المهدي عليه السلام " ذاتين " ؛ هما : " العبد " و " الرب " . فهو " العبد " في " مقام العبدية " ، و هو " الربّ " في " مقام الربّوبية " .


      و أما قوله :

ـ و إذا تصّفحتَ الحقيقة و التي * جمَعَتْهُ ممّا حكمُه ضدّانِ .

ـ تحتارُ فيهِ فلا تقولُ لسُفلِه * علو و لا لعلوّه داني .

ـ بل ثمّ ذلك ثالثاً لحقيقة * لحقت حقائق ذاتها وصْفانِ .

؛ فمعناه : أن هاتين " الذاتين " في حقيقتهما ذاتٌ واحدة ، و أنه ـ عليه السلام ـ جمع بين الأضداد لكونه " صورة الذات الإلهية " . فلحقيقة هذه الذات وصفانِ .


      و أما قوله : 

ـ بل ثمّ ذلك ثالثاً لحقيقة * لحقت حقائق ذاتها وصْفانِ .

ـ فهي المسمّى أحمد من كون ذا * و محمّد لحقيقة الأكوانِ. 

ـ و هو المعرّف بالعزيز و بالهدى * من كونه ربّاً فداهُ جناني .

ـ يا مركز البيكارِ يا سرّ الهدى * يا محور الإيجاب و الإمكانِ .

ـ يا عينَ دائرة الوجودِ جميعَهُ * يا نقطة القرآن و الفرقانِ .

ـ يا كاملاً و مُكَمِّلاً لأكَامِلٍ * قد جمّلوا بجلالة الرّحمنِ .

؛ فمعناه : أن هذه الذات هي المُسمّات ؛ ب : " أحمد " في مقام الأحدية و الذات الجامعة . و هي المسماة ؛ ب : " محمّد " لحقيقة الأكوان . و هو المعرّف بالعزيز و بالهدى من كونه ربّاً . فهو المذكور بتلك الأوصاف الجامعة ، و هو أصل الوجود و مركز البيكار و سر الهدى و محور الإيجاب و الإمكان و القابل للإمكانين ، الكامل بالأصالة ، المكمّل لسائر الأكامل الذين جملوا بجلالة الرحمان . فمحمّد هو إسم أحمد في عالم الأكوان . و أحمد هو المطهّر عن الأكوان ، و هو جميع من ظهر من أفراد بني آدم ، بل إنه حقيقتهم و إليه مرجعهم . فعبد الله هو المهدي بالأصالة ، و لاحظ " عبد الله " ؛ لترى الثنائية مجتمعة في هذا الإسم ـ العبودية و الألوهية ـ . و إن " الألوهية " تقبل الثنائية ؛ لأنّها حقيقة جميع الموجودات و الأشياء و الأكوان . و أنظر في إسم النبي صلى الله عليه و سلم " محمّد ابن عبد الله " عموما و " ابن " خصوصا ؛ فكأنّها تشيرُ إلى الفرعية و الصورة . ف : " أحمد " ؛ هو أصلُ الوجود . و " محمّد " هو دائرة التعيّن و الخلق . و ما فاز الكونُ إلاّ بحبّ محمّد سيّد الأكوان والدّال على إسمه الرّحمن . فهو صفوة الخلق و صاحب مقام الجمع الذاتي الذي أنزل عليه القرآن الكريم حتى يقرأ كتاب الحقّ تعالى ، و هو الكتاب الذي أنزل على المهدي الذي هو خارج التعيين و الخلق . فأفهم ذلك .




و الله تعالى أعلم .

و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

............. يتبع بإذن الله تعالى .................

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كَلِمَةُ خِتَامِيَّةُ لِلْجُزْءِ الثاني مِنْ سِلْسلَةٍ : " الأحمدية ... حِزْبُ اللهِ " .

 الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة . سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 72 : الموضوع : كَلِمَةُ خِتَامِيَّةُ لِلْجُزْءِ الثاني مِنْ سِلْسلَةٍ : " الأحمدية ... حِزْبُ اللهِ " . ـ ؛ بعنوان : " عَلَاَمَاتُ الْمَهْدِيِّ الْحَقِيقِيِّ. ، وَ حَقِيقَةُ مَعْرِفَتِهِ لِنَفْسُهُ " ـ .       لقد قلنا في مقال سابق بفضل الله تعالى أن الإمام المهدي عليه محجوب عن الخلق على عكس الأولياء المحمديين رضي الله تعالى عنهم و رضوا عنه ، أي أن الله تعالى لم يفتح عليه أمام الخلق كما فتح على الأولياء .       إن هذا القول لا يعني بأن الإمام المهدي عليه السلام أقل درجة منهم ، لأن الخليفة الثاني رضي الله تعالى عنه و رضي عنه كان من المفتوح عليهم ، كما يتبين من قصة " يا سارية الجبل " . في حين لم يكن الخليفة الأول من المفتوح عليهم ، و مع ذلك ؛ قد  وصل إلى مقام الصديقية بيقينه ؛ يقول ـ رضي الله تعالى عنه و رضي عنه ـ : " لو كُشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً " . فهذا من قوة يقينه ، و اليقين أقوى درجات الإيمان . و كذلك الأمر بالنسبة

شرح قصيدة بن عربي في بيان حقيقة الختم الولي .

  الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة . سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 52 : الموضوع : شرح قصيدة بن عربي في بيان حقيقة الختم الولي .      يقول الشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي رضي الله تعالى عنه و رضي عنه : ـ و متى وقعتَ على مفتِّش حكمةٍ * مستُورةٍ في الغضّة الحوراء . ـ مُتحيّرٍ مُتشوّفٍ قلنا له * يا طالب الأسرار في الإسراء . ـ أسرِعْ فقد ظفِرَتْ يداك بجامِعٍ * لحقائق الأموات و الأحياء . ـ نظرَ الوجودَ فكان تحت نعاله * من مستواهُ إلى قرارِ الماء . ـ ما فوقه من غاية يعنُو لها * إلّا هُو فَهْوَ مَصِّرِفُ الأشياء . ـ لبِسَ الرِّداء تنزُّهاً و إزارُهُ * لمّا أراد تكوّن الإنشاءِ . ـ فإذا أراد تمتُّعًا بوجوده * من غير ما نظرٍ إلى الرّقبَاء . ـ شالَ الرِّداء فلمْ يكنْ متكبِّرًا * و إزارَ تعظيمٍ على القرنَاءِ . ـ فبدا وجودٌ لا تقيُّدُه لنا * صفة و لا إسمٌ من الأسماء . ـ إنْ قيل من هذا و من تعني به * قلنا المحقّقُ آمِرُ الأمراء . ـ شمسُ الحقيقة قطبها و إمامُها * سرّ العباد و عالمُ العلماء . ـ عبدٌ تسَوَّدَ وجهه من همِّهِ * نورُ البصائر خاتِ