التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الإمام المهدي ابن مريم المحمدي ... " خاتم الأولياء ، و مقدّم جماعة الأصفياء " .

 الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة .
سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 48 :
الموضوع :

الإمام المهدي ابن مريم المحمدي ... " خاتم الأولياء ، و مقدّم جماعة الأصفياء " .




     إن الإمام المهدي عليه السلام صاحب الرحمة ، بل  و قطب الأعاجب و الحقائق و الوجود ،
. فهو صاحب الكهف و الرّقيم ؛ يقول الشيخ الأكبر رضي الله تعالى عنه و رضي عنه : " فكان ياقوتة حمراء ، تجوّفت لها ياقوتة صفراء ، فأودعها سبحانه فيها ، و ختم عليها بخاتم : " إن الساعة آتية أكادُ أخفيها " فصل " لؤلؤة التحام اليواقيت و انتظام المواقيت " . ثم يقول ـ رضي الله تعالى عنه و رضي عنه ـ مبينا بعض الحقائق عن الياقوتتين في نفس الفصل : " فلمّا التحقت الحقيقتان ، و التفّت الرقيقتان ؛ زهرت الأفلاك ، و اعتصمت الأملاك ، و ظهرت الرّجوم لمن أراد الهجوم ، و تنزّل الروح الحقّ و الكلم الصّدق ، ثمّ اختلت الياقوتتان في الظلمات ؛ لتعاين الصفراء ما غاب عنها من الآيات . فعندما اجتمعت الصّفراء بأختها ؛ كانت لها بنتا ، ثمّ ارتقت إلى من كانت له بيتا . فأكرمت الأمُّ مثواها ، و حمدت مسواها . فتطلّعت الحمراء خلف حجاب الكتم ، فإذا هي بنور الختم . فخاطبه بلسان الإستنباء : " أنا خاتم الأولياء و مقدّم جماعة الأصفياء " " . ثمّ يقولُ الشيخ الأكبر في نفس الفصل عند ختامه : " فإنّ القصد في هذا الكتاب ؛ هو معرفة الخليفة و الختم ، و تنزّل الأمر الحتم . فنقول : " فرجع عوْدُهُ على بدئه في ليله ، و أدرك صلاة الصبح مع أهله . فتسوّد ذلك الجسدُ على أمثاله ممّن تقدّم أو تأخّر من أشكاله ، لمّا كانت مادة الحقيقة الأصلية و النّشأة البدائية إليه ، إسمه من ذاتها ، و إلى غيره من صفاتها " " . قلت : و هذا يعني أنّ مادة الحقيقة الأصلية و النّشأة البدائية اسمهُ من ذاتها ـ أي اسمُه " الله " صاحبُ الذات ـ . فتسوّد جسمه و هيكله على جميع الهياكل الإنسانية ، فهو الذي قام فيه الله تعالى اللطيفة الذاتية . و من المعلوم أن السواد سيد الألوان ، و عليه ؛ فإن صاحب هذا الجسم سيد الأولياء ـ رضي الله تعالى عنهم و رضي عنهم ـ . و لذلك ؛ يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي رضي الله تعالى عنه و رضي عنه واصفا حقيقة المهديّ الخاتم الوليّ : " فقد سبق أن قلنا أن الحقّ إذا تجلّى على عبده ، و أفناه عن نفسه . قام فيه لطيفة إلهية ، فتلك اللّطيفة قد تكونُ ذاتية ، و قد تكونُ صفاتية . فإذا كانت ذاتية ، كان ذلك الهيكل الإنسانيّ ؛ هو الفرد الكامل و الغوث الجامع ، عليه يدورُ الوجود ، و له يكون الركوع و السجود ، و به يحفظ الله العالم . و هو المعبّر عنه بالمهدي و الخاتم و هو الخليفة ، و أشار إليه في قصة آدم . تنجذبُ حقائق الموجودات إلى امتثال أمره انجذاب الحديد إلى المغناطيس ، و يقهر الكون بعظمته ، و يفعل ما يشاء بقدرته ، فلا يُحجبُ عنه شيء . و ذلك أنّه لمّا كانت هذه اللطيفة الإلهية في هذا الوليّ ذاتاً ساذجاً غير مقيّد برتبة لا حقيقة إلهية و لا خلقيّة عبديّة ؛ أعطى كلّ رتبة من رتبة الموجودات الإلهية الخلقية حقّها " كتاب " الإنسان الكامل " .

      إن الهيكل الإنسانيّ للخليفة هو العبدُ الكامل المحض المطلق حقيقة الحقائق و الفردُ المحقّق . و لذلك ؛ كان اسمُهُ " عبدُ الله " . أي عبدُ الله تعالى الذي ما وسعتهُ ـ عز و جل ـ  أرضُهُ و لا سماؤه و لكن وسعَهُ قلبُ عبده هذا ؛ يقول الشيخ الأكبر رضي الله تعالى عنه و رضي عنه :
ـ إنْ قيلَ من هذا و من تعني به * قلنا المحقّقُ آمِرُ الأمراء .
ـ شمسُ الحقيقة قطبها و إمامُها * سرّ العباد و عالمُ العلماء .
ـ عبدٌ تسَوَّدَ وجهه من همِّهِ * نورُ البصائر خاتِمِ الخلفاء .
ـ سهل الخلائقِ طيّبٌ عذبُ الجنى * غوثُ الخلائق أرحَمُ الرُّحماء .
ـ جَلَّتْ صفاتُ جلالِهِ و جمالِهِ * و بهاءُ عزّتِهِ عَنِ النُّظراء .
أقول :
     فانظُرْ كيف وصف الشيخ الأكبر رضي الله تعالى عنه و رضي عنه " خاتم الخلفاء " بأنه عبدٌ تسوّدَ وجهه من همّه لشدة ما هو عليه من قهرٍ الجلالٍ و الجمال و الحالٍ ؛ يقول الله تعالى : " لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَ لَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا ( 18 ) " سورة الكهف . لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَ لَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا ؛ مما يكتنف بواطنهم من العظمة و الجلال . فهو بحق غريب الغرباء و عجيب الأحوال ؛ أشعث أغبر .




و الله تعالى أعلم .
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
........... يتبع بإذن الله تعالى .................

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شرح قصيدة بن عربي في بيان حقيقة الختم الولي .

  الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة . سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 52 : الموضوع : شرح قصيدة بن عربي في بيان حقيقة الختم الولي .      يقول الشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي رضي الله تعالى عنه و رضي عنه : ـ و متى وقعتَ على مفتِّش حكمةٍ * مستُورةٍ في الغضّة الحوراء . ـ مُتحيّرٍ مُتشوّفٍ قلنا له * يا طالب الأسرار في الإسراء . ـ أسرِعْ فقد ظفِرَتْ يداك بجامِعٍ * لحقائق الأموات و الأحياء . ـ نظرَ الوجودَ فكان تحت نعاله * من مستواهُ إلى قرارِ الماء . ـ ما فوقه من غاية يعنُو لها * إلّا هُو فَهْوَ مَصِّرِفُ الأشياء . ـ لبِسَ الرِّداء تنزُّهاً و إزارُهُ * لمّا أراد تكوّن الإنشاءِ . ـ فإذا أراد تمتُّعًا بوجوده * من غير ما نظرٍ إلى الرّقبَاء . ـ شالَ الرِّداء فلمْ يكنْ متكبِّرًا * و إزارَ تعظيمٍ على القرنَاءِ . ـ فبدا وجودٌ لا تقيُّدُه لنا * صفة و لا إسمٌ من الأسماء . ـ إنْ قيل من هذا و من تعني به * قلنا المحقّقُ آمِرُ الأمراء . ـ شمسُ الحقيقة قطبها و إمامُها * سرّ العباد و عالمُ العلماء . ـ عبدٌ تسَوَّدَ وجهه من همِّهِ * نورُ الب...

كَلِمَةُ خِتَامِيَّةُ لِلْجُزْءِ الثاني مِنْ سِلْسلَةٍ : " الأحمدية ... حِزْبُ اللهِ " .

 الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة . سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 72 : الموضوع : كَلِمَةُ خِتَامِيَّةُ لِلْجُزْءِ الثاني مِنْ سِلْسلَةٍ : " الأحمدية ... حِزْبُ اللهِ " . ـ ؛ بعنوان : " عَلَاَمَاتُ الْمَهْدِيِّ الْحَقِيقِيِّ. ، وَ حَقِيقَةُ مَعْرِفَتِهِ لِنَفْسُهُ " ـ .       لقد قلنا في مقال سابق بفضل الله تعالى أن الإمام المهدي عليه محجوب عن الخلق على عكس الأولياء المحمديين رضي الله تعالى عنهم و رضوا عنه ، أي أن الله تعالى لم يفتح عليه أمام الخلق كما فتح على الأولياء .       إن هذا القول لا يعني بأن الإمام المهدي عليه السلام أقل درجة منهم ، لأن الخليفة الثاني رضي الله تعالى عنه و رضي عنه كان من المفتوح عليهم ، كما يتبين من قصة " يا سارية الجبل " . في حين لم يكن الخليفة الأول من المفتوح عليهم ، و مع ذلك ؛ قد  وصل إلى مقام الصديقية بيقينه ؛ يقول ـ رضي الله تعالى عنه و رضي عنه ـ : " لو كُشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً " . فهذا من قوة يقينه ، و اليقين أقوى درجات الإيمان . و كذلك الأمر بالنسبة ...

الإمام المهدي في قصيدة الشيخ الجيلي .

 الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة . سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 37 : الموضوع : الإمام المهدي في قصيدة الشيخ الجيلي .       يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي رحمه الله تعالى في كتابه " الإنسان الكامل في معرفة الأواخر و الأوائل " ؛ ما يلي : ـ ذاتٌ لـهـا في نفسها وجْهَـانِ * للسّفل وجهٌ و العُلا للثانـي . ـ و لكلّ وجْهٍ في العـبـارة و الأدا * ذاتٌ و أوصافٌ و فِعْلُ بَيَانِ . ـ إن قلت واحدة صدقْتَ و إنْ تقُلْ * اثـنانِ حـقّاً إنّـه اثنـانِ . ـ أو قلتَ لا بل إنّهُ لمثلّثٌ * فصدقْتَ ذاك حقيقةُ الإنسانِ . ـ أنظر إلى أحدية هي ذاتُهُ * قل واحدٌ أحدٌ فريدُ الشانِ . ـ و لئن ترى الذاتين قلت لكِوْنِهِ * عبدًا و ربًّا إنّه اثنانِ . ـ و إذا تصّفحتَ الحقيقة و التي * جمَعَتْهُ ممّا حكمُه ضدّانِ . ـ تحتارُ فيهِ فلا تقولُ لسُفلِه * علو و لا لعلوّه داني . ـ بل ثمّ ذلك ثالثاً لحقيقة * لحقت حقائق ذاتها وصْفانِ . ـ فهي المسمّى أحمد من كون ذا * و محمّد لحقيقة الأكوانِ.  ـ و هو المعرّف بالعزيز و بالهدى * من كونه ربّاً فداهُ جناني . ـ يا مركز...