التخطي إلى المحتوى الرئيسي

" " الإمام المهدي " ... " القمري العربي " و " الشمسي الأعجمي " .

 الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة .
سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 44 :
الموضوع :

" " الإمام المهدي " ... " القمري العربي " و " الشمسي الأعجمي " .








      نعم ... فمن ناحية الظاهر ؛ فإن الإمام المهدي عربي من جهة الأم ؛ لكونها من أهل بيت النبي صلى الله عليه و سلم المادي . و أعجمي من جهة الأب ؛ لكون أبيه فارسي و إن كان بعض جداته من أهل البيت أيضا . و أما من ناحية الباطن ؛ فإن العربيّ يُقصدُ به القمريّ من ميث كونِه أحد أولياء الأمة المحمدية و أحد خلفائها . فهو القمريّ الذي عكس ضوء شمس الذات و الأسماء و الصفات كاملةً على خلاف باقي الأولياء و الخلفاء رضي الله تعالى عنهم و رضوا عنه ؛ لأن القمر يُقابلُ مقام القلب كما أن الشمس تقابل الرّوح . فإذا عرج صاحب القلبُ إلى الله تعالى ؛ فإن روح الله تنعكس على قلبه ، فيكون عبدا ذاتياً قمرياً وارثاً للعبد القمريّ الأوّل العربيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ . فهو القمريّ ؛ لأنّ حساب العرب ـ " الحساب قمريّ " ـ ، و هو على خلاف و حساب العجم ـ " الحساب شمسيّ " ـ . و مع كونه ـ عليه السلام ـ " عربيا قمريا " ؛ فإنه كذلك " الشمسي الأعجمي " ؛ كون الشمسُ ترمز إلى الرّوح الإلهي ؛ لأن الله تعالى تجلى فيه بذاته لذاته على ذاته . فصار خليفة شمسياً أعجمياً .
      إن أولياء الأمة المحمدية و خلفائها عربٌ اصطلاحاً ، و لو لم يكن جنسهم عربي . أما خاتهم المهدي عليه السلام ، فهو أعجمي ؛ لأنه الشمس بذاتها ، كما أنه عربي ؛ لأنه القمر الأعظم . و لذلك سماه الشيخ الأكبر ، ب : " شمس المغرب " في كتابه " عنقاء مغرب " عند قوله : " لم تزل الشمسُ جاريةً من المشرق إلى المغرب بغيرها و من المغرب إلى المشرق بنفسها " .
      إن " شمس " الإمام المهدي عليه السلام ؛ هي : " قمره " . و إن قمره ـ عليه السلام ـ ؛ هي : " شمسه " . فمقامُ القلب هو إمامه ، أي أنه صاحبُ القلب الشمسي القمري .

      لا شك أن " الشمس " و " اليوم " يرمزان إلى الله تعالى ؛ بدليل قوله تعالى : " وَ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَ لَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُۥ ۚ وَ إِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ ( 47 ) " [ سورة الحج : 47 ] . و السنة هنا شمسية لا قمرية من وجه ؛ لأن الشمس هي التي تحتاج إلى سنة كاملة للدوران حول نفسها على عكس القمر الذي يحسب بالشهر لا بالسنة . و من هنا تبرز حقيقة هامة ، و هي أن الإمام المهدي عليه السلام هو حقيقة المراتب ، فهو العجميّ المتفرّد ، و الذي ظهوره كظهور الشمس في سماء اليوم ؛ فإنه إذا ظهر فلا يبقى وجوداً لقمرٍ أو لكوكبٍ أو لنجمٍ في سماء الدين . فهو الخليفة السيّد الخاتم الحاكمُ الإمام الأعلى ، و إذا غابَ بالموت ظهر خلفائه الأقمارُ و علماء جماعته الكواكبُ و أصحابه النّجومُ .
      إن بعثة النبيّ صلّى الله عليه و سلّم هي التي أهلت أهل الأرض إلى " الأحمدية " التي نالها الإمام المهدي عليه السلام . و لذلك فإن المسيح الموسوي عليه السلام قد بشر ببعثة النبيّ صلّى الله عليه و سلّم بعثة ثانية باسم رسول إسمه " أَحْمَدُ " ؛ بدليل قوله تعالى : { وَ إِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يٰبَنِىٓ إِسْرٰٓءِيلَ إِنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَىَّ مِنَ التَّوْرٰىةِ وَ مُبَشِّرًۢا بِرَسُولٍ يَأْتِى مِنۢ بَعْدِى اسْمُهُۥٓ أَحْمَدُ ۖ فَلَمَّا جَآءَهُم بِالْبَيِّنٰتِ قَالُوا هٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } [ سورة الصف : 6 ] . فبعثة النبي صلى الله عليه و سلم الأولى ـ " المحمدية " ـ كانت بإسم " محمد " للجلال ، و بعثة النبي صلى الله عليه و سلم الثانية ـ " الأحمدية " ـ تكون بإسم " أحمد " للجمال .
      لقد قلنا أن شمس المهدي هي قمره ، و قمره هو شمسه ؛ لأن نوره ذاتيّ . فهو العلمُ على ساعة تجلّي الإسم الأعظم و تجلي الوحدة الذاتية ؛ بدليل قوله تعالى : { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ ( 1 ) } سورة القمر . أي فانشقّ القمر بظهور شمس الخليفة الذاتيّ . فحينما كان القمرُ عاكساً لضياء الشمس كما في أولياء الأمة المحمدية و خلفائها الأبرار ؛ كانت الوحدة ظلالية لا ذاتية ، و النوّر معكوسٌ لا ذاتي .
      إن الإمام المهدي عليه السلام عينُ الباطن و الظاهر . و ذلك لظهور نور علم الباطن القرآني و نور علم الظاهر القرآني على يديه ـ عليه السلام ـ حتى يشهد بهما على خاتمية القرآن الكريم و الشريعة المحمدية و النبوة الخاتمة ؛ بدليل قوله تعالى : { وَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ( 47 ) } سورة الرعد . فهو صاحب " الكتاب " أو " عِلْمُ الْكِتَابِ " .




و الله تعالى أعلم .
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
............ يتبع بإذن الله تعالى ...............

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شرح قصيدة بن عربي في بيان حقيقة الختم الولي .

  الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة . سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 52 : الموضوع : شرح قصيدة بن عربي في بيان حقيقة الختم الولي .      يقول الشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي رضي الله تعالى عنه و رضي عنه : ـ و متى وقعتَ على مفتِّش حكمةٍ * مستُورةٍ في الغضّة الحوراء . ـ مُتحيّرٍ مُتشوّفٍ قلنا له * يا طالب الأسرار في الإسراء . ـ أسرِعْ فقد ظفِرَتْ يداك بجامِعٍ * لحقائق الأموات و الأحياء . ـ نظرَ الوجودَ فكان تحت نعاله * من مستواهُ إلى قرارِ الماء . ـ ما فوقه من غاية يعنُو لها * إلّا هُو فَهْوَ مَصِّرِفُ الأشياء . ـ لبِسَ الرِّداء تنزُّهاً و إزارُهُ * لمّا أراد تكوّن الإنشاءِ . ـ فإذا أراد تمتُّعًا بوجوده * من غير ما نظرٍ إلى الرّقبَاء . ـ شالَ الرِّداء فلمْ يكنْ متكبِّرًا * و إزارَ تعظيمٍ على القرنَاءِ . ـ فبدا وجودٌ لا تقيُّدُه لنا * صفة و لا إسمٌ من الأسماء . ـ إنْ قيل من هذا و من تعني به * قلنا المحقّقُ آمِرُ الأمراء . ـ شمسُ الحقيقة قطبها و إمامُها * سرّ العباد و عالمُ العلماء . ـ عبدٌ تسَوَّدَ وجهه من همِّهِ * نورُ الب...

كَلِمَةُ خِتَامِيَّةُ لِلْجُزْءِ الثاني مِنْ سِلْسلَةٍ : " الأحمدية ... حِزْبُ اللهِ " .

 الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة . سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 72 : الموضوع : كَلِمَةُ خِتَامِيَّةُ لِلْجُزْءِ الثاني مِنْ سِلْسلَةٍ : " الأحمدية ... حِزْبُ اللهِ " . ـ ؛ بعنوان : " عَلَاَمَاتُ الْمَهْدِيِّ الْحَقِيقِيِّ. ، وَ حَقِيقَةُ مَعْرِفَتِهِ لِنَفْسُهُ " ـ .       لقد قلنا في مقال سابق بفضل الله تعالى أن الإمام المهدي عليه محجوب عن الخلق على عكس الأولياء المحمديين رضي الله تعالى عنهم و رضوا عنه ، أي أن الله تعالى لم يفتح عليه أمام الخلق كما فتح على الأولياء .       إن هذا القول لا يعني بأن الإمام المهدي عليه السلام أقل درجة منهم ، لأن الخليفة الثاني رضي الله تعالى عنه و رضي عنه كان من المفتوح عليهم ، كما يتبين من قصة " يا سارية الجبل " . في حين لم يكن الخليفة الأول من المفتوح عليهم ، و مع ذلك ؛ قد  وصل إلى مقام الصديقية بيقينه ؛ يقول ـ رضي الله تعالى عنه و رضي عنه ـ : " لو كُشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً " . فهذا من قوة يقينه ، و اليقين أقوى درجات الإيمان . و كذلك الأمر بالنسبة ...

الإمام المهدي في قصيدة الشيخ الجيلي .

 الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة . سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 37 : الموضوع : الإمام المهدي في قصيدة الشيخ الجيلي .       يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي رحمه الله تعالى في كتابه " الإنسان الكامل في معرفة الأواخر و الأوائل " ؛ ما يلي : ـ ذاتٌ لـهـا في نفسها وجْهَـانِ * للسّفل وجهٌ و العُلا للثانـي . ـ و لكلّ وجْهٍ في العـبـارة و الأدا * ذاتٌ و أوصافٌ و فِعْلُ بَيَانِ . ـ إن قلت واحدة صدقْتَ و إنْ تقُلْ * اثـنانِ حـقّاً إنّـه اثنـانِ . ـ أو قلتَ لا بل إنّهُ لمثلّثٌ * فصدقْتَ ذاك حقيقةُ الإنسانِ . ـ أنظر إلى أحدية هي ذاتُهُ * قل واحدٌ أحدٌ فريدُ الشانِ . ـ و لئن ترى الذاتين قلت لكِوْنِهِ * عبدًا و ربًّا إنّه اثنانِ . ـ و إذا تصّفحتَ الحقيقة و التي * جمَعَتْهُ ممّا حكمُه ضدّانِ . ـ تحتارُ فيهِ فلا تقولُ لسُفلِه * علو و لا لعلوّه داني . ـ بل ثمّ ذلك ثالثاً لحقيقة * لحقت حقائق ذاتها وصْفانِ . ـ فهي المسمّى أحمد من كون ذا * و محمّد لحقيقة الأكوانِ.  ـ و هو المعرّف بالعزيز و بالهدى * من كونه ربّاً فداهُ جناني . ـ يا مركز...