التخطي إلى المحتوى الرئيسي

" الحقائق الروحانية لأوصاف المهدي الجسدية " ـ الجزء الثاني ـ .

 
الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة .
سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 43 :
الموضوع :

" الحقائق الروحانية لأوصاف المهدي الجسدية " ـ الجزء الثاني ـ .



 

      شرح قوله صلى الله عليه و سلم: " في خدّه الأيمن خال " .



 

      يقول النبي صلى الله عليه و سلم عن الإمام المهدي عليه السلام :  " في خدّه الأيمن خال " .



 

أقول :
      إن هذه العلامة لشهادة كبرى على المبايعة الأولى التي ليس قبلها مبايعة ، و السيّادة العليا التي ليس فوقها سيادة ، و الإمامة الكبرى التي ليس فوقها إمامة .
      إن الخالُ في الخدّ الأيمن علامةُ على " نقطة الذات " أو ـ قل إن شئت ـ " النقطة السوداء " . فهي رمز إلى للعد بالبيعة مع الله تعالى و إلى الميثاق مع الله عز و جل ؛ كما كانَ الحجرُ الأسود رمزاً للعهد مع الله تعالى و للميثاق مع الله عز و جل . و هذا إن دل ، فإنما يدل على أن الإمام المهدي عليه السلام هو صاحب الإمامة العليا ؛ لأن الحجر الأسود في الكعبة المشرفة يعتبر يمينُ الله تعالى في الأرض . فالخالُ الأسود في الخد الأيمن للإمام المهدي عليه السلام يجعل منه ـ عليه السلام ـ يمينُ الله تعالى في الأرض . فإذا نظرت كيف يلوّحُ المسلمون للحجر الأسود كرمزٍ على تجديد العهد و الميثاق مع الله تعالى ، علمت أن من تحققت فيه هذه العلامة ـ أي : الخال الأسود على الخد الأيمن ـ ، فقد وجبت له ـ عليه السلام ـ البيعة التي هي من بيعة الله تعالى ؛ بدليل قوله تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ( 10 ) " سورة الفتح . و إن في قول الشيخ الأكبر : " و كانت علامة أيمن الخدّ و كونه يمين الواحد المالك . فمن ثبتت له تلك العلامة ؛ فقد صحّت له الإمامة " كتاب " عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس مغرب " . لدليل على ذلك . بل و قد صحت له بهذه العلامة المبايعة الأولى و الرتبة الشريفة و الإمامة العليا و الإتباع الأولى : " ... فقد صحّت المبايعة للخليفة وفاز بالرتبة الشريفة ، و إنْ توجّه إعتراض ؛ فلا سبيل إلى القلوب المنعوتة بالمراض . و لمّا كان الحقّ تعالى الإمام الأعلى و المتبّع الأولى ؛ قال :
{ إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } . و لا ينال هذا المقام إلاّ جسم بعد النبي المصطفى الأعظم ـ صلى الله عليه و سلم ـ إلّا ختم الأولياء الأطول الأكرم ... " فصل " إثبات الإمامة على الاطلاق من غير اختلاف " من كتاب " عنقاء مغرب " .
      لقد استوجب الإمام المهدي البيعة بين الرّكن و المقام ؛ أي بين ركن الحجر الأسود و مقام الخليل عليه السلام . و ذلك بين ركنِ الله تعالى الشديد و مقام الخلّة ؛ يقول الشيخ الأكبر : " و لمّا كانت المبايعة لهذا الإمام بين الركن و المقام ، و ليس له وراء ذلك مرمى لرام " . و قال : " كذلك إذا كان واقفاً بين ركن الخلّة ، و ركن من رام بأضيافه سدّ الخلّة ، الذي قال فيه صلّى الله عليه وسلّم في صحيح الخبر " رحم الله أخي لوط . لقد كان يأوي إلى ركنٍ شديد " خطاباً لجميع البشر ، هنالك يوصفُ بعند ذي العرش مكينٍ ، مطاعٍ ثمّ أمين ، و تعقدُ له مبايعة التعيين في الحرم المنيع و البيت الرفيع " . فهو ـ عليه السلام ـ أرض التجليّات الحقيّة و الخلقية من سماء الذات . فأفهم ذلك .
      إن الخال على الوجه الأيمن يشير إلى أن عهد الأمّة المحمديّة سيكون عربياً قمرياً أحمديا ، فما الإمام المهدي عيسى ابن مريم المحمدي عليه السلام إلا بعثة ثانية للنبي صلى الله عليه و سلم في مقام " الأحمدية " ؛ لقوله صلى الله عليه و سلم : " لن تهلك أمة أنا في أولها و عيسى ابن مريم في آخرها و المهدي في وسطها " . و ما " المهدي " في هذا الحديث النبوي الشريف إلا إشارة إلى الخلفاء العرب القمريون ، و هم أئمة العصر و خلفاء التجديد الذين يظهرون على رأس كل قرن . و لهذا يقول الشيخ العارف بالله تعالى إسماعيل حقّي رضي الله تعالى عنه و رضي عنه في تفسيره " روح البيان " : " في قوله تعالى { وَ جَعَلْنَا ٱلَّيلَ وَ ٱلنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَآ آيَةَ ٱلَّيلِ وَ جَعَلْنَآ آيَةَ ٱلنَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَ ٱلْحِسَابَ وَ كُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً ( 12 ) } سورة الإسراء . قال : "  فالمراد بآية الليل و النهار و القمر و الشمس : روي أن الله تعالى خلق كلا من نور القمر و الشمس سبعين جزء . ثم أمر جبريل ، فمسح بجناحة ثلاث مرات ؛ فمحا من القمر تسعة و ستين جز ، فحولها إلى الشمس ، ليتميز الليل من النهار ، إذ كان فى الزمن الأول لا يعرف الليل و النهار ، فالسواد الذي فى القمر أثر المحو ، و هذا السواد فى القمر بمنزلة الخال على الوجه الجميل . و لما كان زمان الدولة العربية الأحمدية قمريا ؛ ظهر عليه أثر السيادة على النجوم ، و هو السواد ؛ لأنه سيد الألوان ، كما ظهر على الحجر المكرم ؛ الذي خرج أبيض من الجنة أثر السيادة بمبايعة الأنبياء و الأولياء عليهم السلام ، و جعل الله شهورنا قمرية لا شمسية ؛ تنبيها من الله للعارفين أن آياتهم ممحوّة من ظواهرهم ، مصروفة إلى بواطنهم . فأختصوا من بين جميع الأمم الماضية بالتجليات الخاصة " .



 

أقول :
      القمر الذي استوعبَ ضوء الشمس كان بمثابة القلب الذي نزل فيه الرّوح ؛ فكان القمرُ بمنزلة الذات ، و الشمس بمنزلة الصّفات . و أنظر ـ هداك الله تعالى ـ كيفَ قرنَ الخال في الوجه الجميل بالحجر الأسود الذي كان رمز البيعة لله تعالى ، و ألمحَ إلى السيادة الأحمدية . فالخال في الخدّ الأيمنِ علامةً على نقطة الذات أو نقطة الهويّة المجهولة ، و هي التي منها تجلّت هذه الرّوح . هذا ، و ما الكعبة بستارها الأسود و ركنها الحجر الأسود إلا رمزا للكعبة البشرية بركنه الخال الأسود الدال على العهد والميثاق . و لهذا قال الشيخ الأكبر رضي الله تعالى عنه و رضي عنه عن صحة إمامة الإمام المهدي عليه السلام بتلك العلامة : " و كانت علامة أيمن الخدّ و كونه يمين الواحد المالك . فمن ثبتت له تلك العلامة ؛ فقد صحّت له الإمامة " .




 

 و الله تعالى أعلم .
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
............... يتبع بإذن الله تعالى ..................

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شرح قصيدة بن عربي في بيان حقيقة الختم الولي .

  الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة . سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 52 : الموضوع : شرح قصيدة بن عربي في بيان حقيقة الختم الولي .      يقول الشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي رضي الله تعالى عنه و رضي عنه : ـ و متى وقعتَ على مفتِّش حكمةٍ * مستُورةٍ في الغضّة الحوراء . ـ مُتحيّرٍ مُتشوّفٍ قلنا له * يا طالب الأسرار في الإسراء . ـ أسرِعْ فقد ظفِرَتْ يداك بجامِعٍ * لحقائق الأموات و الأحياء . ـ نظرَ الوجودَ فكان تحت نعاله * من مستواهُ إلى قرارِ الماء . ـ ما فوقه من غاية يعنُو لها * إلّا هُو فَهْوَ مَصِّرِفُ الأشياء . ـ لبِسَ الرِّداء تنزُّهاً و إزارُهُ * لمّا أراد تكوّن الإنشاءِ . ـ فإذا أراد تمتُّعًا بوجوده * من غير ما نظرٍ إلى الرّقبَاء . ـ شالَ الرِّداء فلمْ يكنْ متكبِّرًا * و إزارَ تعظيمٍ على القرنَاءِ . ـ فبدا وجودٌ لا تقيُّدُه لنا * صفة و لا إسمٌ من الأسماء . ـ إنْ قيل من هذا و من تعني به * قلنا المحقّقُ آمِرُ الأمراء . ـ شمسُ الحقيقة قطبها و إمامُها * سرّ العباد و عالمُ العلماء . ـ عبدٌ تسَوَّدَ وجهه من همِّهِ * نورُ الب...

كَلِمَةُ خِتَامِيَّةُ لِلْجُزْءِ الثاني مِنْ سِلْسلَةٍ : " الأحمدية ... حِزْبُ اللهِ " .

 الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة . سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 72 : الموضوع : كَلِمَةُ خِتَامِيَّةُ لِلْجُزْءِ الثاني مِنْ سِلْسلَةٍ : " الأحمدية ... حِزْبُ اللهِ " . ـ ؛ بعنوان : " عَلَاَمَاتُ الْمَهْدِيِّ الْحَقِيقِيِّ. ، وَ حَقِيقَةُ مَعْرِفَتِهِ لِنَفْسُهُ " ـ .       لقد قلنا في مقال سابق بفضل الله تعالى أن الإمام المهدي عليه محجوب عن الخلق على عكس الأولياء المحمديين رضي الله تعالى عنهم و رضوا عنه ، أي أن الله تعالى لم يفتح عليه أمام الخلق كما فتح على الأولياء .       إن هذا القول لا يعني بأن الإمام المهدي عليه السلام أقل درجة منهم ، لأن الخليفة الثاني رضي الله تعالى عنه و رضي عنه كان من المفتوح عليهم ، كما يتبين من قصة " يا سارية الجبل " . في حين لم يكن الخليفة الأول من المفتوح عليهم ، و مع ذلك ؛ قد  وصل إلى مقام الصديقية بيقينه ؛ يقول ـ رضي الله تعالى عنه و رضي عنه ـ : " لو كُشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً " . فهذا من قوة يقينه ، و اليقين أقوى درجات الإيمان . و كذلك الأمر بالنسبة ...

الإمام المهدي في قصيدة الشيخ الجيلي .

 الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة . سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 37 : الموضوع : الإمام المهدي في قصيدة الشيخ الجيلي .       يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي رحمه الله تعالى في كتابه " الإنسان الكامل في معرفة الأواخر و الأوائل " ؛ ما يلي : ـ ذاتٌ لـهـا في نفسها وجْهَـانِ * للسّفل وجهٌ و العُلا للثانـي . ـ و لكلّ وجْهٍ في العـبـارة و الأدا * ذاتٌ و أوصافٌ و فِعْلُ بَيَانِ . ـ إن قلت واحدة صدقْتَ و إنْ تقُلْ * اثـنانِ حـقّاً إنّـه اثنـانِ . ـ أو قلتَ لا بل إنّهُ لمثلّثٌ * فصدقْتَ ذاك حقيقةُ الإنسانِ . ـ أنظر إلى أحدية هي ذاتُهُ * قل واحدٌ أحدٌ فريدُ الشانِ . ـ و لئن ترى الذاتين قلت لكِوْنِهِ * عبدًا و ربًّا إنّه اثنانِ . ـ و إذا تصّفحتَ الحقيقة و التي * جمَعَتْهُ ممّا حكمُه ضدّانِ . ـ تحتارُ فيهِ فلا تقولُ لسُفلِه * علو و لا لعلوّه داني . ـ بل ثمّ ذلك ثالثاً لحقيقة * لحقت حقائق ذاتها وصْفانِ . ـ فهي المسمّى أحمد من كون ذا * و محمّد لحقيقة الأكوانِ.  ـ و هو المعرّف بالعزيز و بالهدى * من كونه ربّاً فداهُ جناني . ـ يا مركز...