التخطي إلى المحتوى الرئيسي

" التَّدَرُّجَ فِي التَّنَزُّلَاتِ الرُّوحَانِيَّةِ " .

 الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة .
سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 70 :
الموضوع :

  " التَّدَرُّجَ فِي التَّنَزُّلَاتِ الرُّوحَانِيَّةِ " .



      إن الخليفة و كتابه هو المرحلة النظرية للوجود . فلقد أحصى الله تعالى فيه كل شيئ ؛ بدليل قوله تعالى : " إِنَّا نَحْنُ نُحْىِ الْمَوْتٰى وَ نَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَءَاثٰرَهُمْ ۚ وَ كُلَّ شَىْءٍ أَحْصَيْنٰهُ فِىٓ إِمَامٍ مُّبِينٍ ( 12 ) " سورة يس . و بدليل قوله تعالى " وَ كُلَّ شَىْءٍ أَحْصَيْنٰهُ كِتٰبًا ( 29 ) " سورة النبأ . فكانت هذه التفصيلات هي الكتاب الأعلى و الأول ؛ بدليل قوله تعالى : " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَ لَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا ( 01 ) " سورة الكهف . و هذا هو حال حرف الألف قديماً . أما مرحلة العمل ، فيرمز لها بحرف الباء ، و هي تمثل النبي صلى الله عليه و سلم . فمقامه هو مقام القراءة للكتاب الأول و تنفيذه ، و لقد تحقق ذلك بواسطة : " القرآن الكريم " .
      إن حرف الباء في " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " للإستعانة . أي : استعنت بإسم الله صاحب الصفتان " الرَّحْمَن " و " الرَّحِيم " . فالأصل ، هو : " اسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " . و لكن ناب حرف الباء الذي يمثل النبي صلى الله عليه و سلم عن حرف الألف الذي الإمام المهدي عليه السلام . و في ذلك إشارة إلى سر دقيق ، و هو أن النبي صلى الله عليه و سلم ينوب عن الإمام المهدي عليه السلام في خلق الأفلاك ، لأن الموجود الحقيقي هو الله تعالى وحده ، و ما سواه إلا قائم به ـ عز و جل ـ ، و لذلك ورد " فبي عرفوني " ؛ أي أن معرفة الله تعالى لا تكون إلا بمن تجلى عليه أو كان من مظاهر تجلياته . و إن إسم الله صاحب الصفتان " الرَّحْمَن " و " الرَّحِيم " الذي به خلقت الأفلاك ؛ هو : " الإسم الأعظم " .    
      لا شك أن التدرج في التنزلات الروحانية و التعينات أمر قد اقتضته الحكمة الإلهية . و لتقريب هذه الحكمة من عقل المخلوق رحمة به ، قد جعل الله تعالى هذه الأرض انعكاسا و تجليا لكل الوجود . فمثلا : إن الأيام تشير إلى أرض التنزلات الزمانية أو أوقات التجلي لهذه التنزلات . فمثلا : 
* يوم السبت : يرمز لحقبة الوجود الذاتي المطلق للذات العلية للحق عزوجل قبل إيجاد الوجود ، و تلك هي النقطة . فهي نقطة العماء الذاتي و الغيب المطلق . 
* يوم الأحد : يمثل يوم التجلي الأول للذات العلية ، و ظهورها لذاتها في ذاتها بذاتها ، و هي : " الأحدية " . و ظهور حرف الألف ، و تعين الخليفة ـ أي : الإمام المهدي عليه السلام ـ ، و تضمين كتاب الوجود الأول فيه .
* يوم الإثنين : ممثلاً لتجلي حرف الباء ، و تعين حضرة " الرَّحْمَن " ، أي : النبي صلى الله عليه و سلم الذي كان يوم ميلاده هو يوم الإثنين أيضا .
* يوم الثلاثاء : مرحلة التشتيت ، و ظهور الوجود المتعدد من صور الأكوان . لا شك أن النقطة هي السر المطلق . فهي سر للواحد و باطنه ، و الواحد بدوره سر للإثنين و باطنها ، و الإثنين بدورها بسر للثلاثة و باطنها . و بذلك يُعلَم ، أن سر الإمام المهدي عليه السلام هو الذات العلية ، و أن سر النبي صلى الله عليه و سلم هو الإمام المهدي عليه السلام . و أن سر الوجود هو النبي صلى الله عليه و سلم . و هكذا !
* يوم الجمعة : يعتبر آخر الأيام في الأسبوع ، فيه تقوم الساعة ، و يكون الإمام المهدي عليه السلام علما له . فهو المسيح الذي ينزل على رأس الألفية السعيدة السابعة حتى يقضي على المسيح الدجال . 
      لقد بينت الأحاديث النبوية المشرفة أن الإمام المهدي عليه السلام سيظهر في مكة المكرمة . و المراد من مكة المكرمة هذه " مكة التأويل و الحقيقة " لا " مكة الظاهر و الشريعة " ، لأن الثابت من الأحاديث النبوية الشريفة أن الإمام المهدي و المسيح المحمدي عليه السلام فارسي و هندي ـ بصفته مثيلا لآدم عليه السلام الذي نزل في بلاد الهند ـ . 
      لا شك أن مكة التأويل و الحقيقة هذه تمثل نقطة دائرة الوجود في عالم الباطن . فهي بمثابة نقطة حرف الباء . و ما الوجود إلا دائرة و مركزها النقطة . فهي نسخة عن مكة الظاهر و الشريعة التي تمثل نقطة أو مركز دائرة الوجود في عالم الظاهر ؛ بدليل قوله تعالى : " وَ كَذٰلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرٰى وَ مَنْ حَوْلَهَا ... ( 07 ) " سورة الشورى .
      إن الإمام المهدي عليه السلام يمثل حقيقة نهر النيل في جريانه ، إذ يقول النبي صلى الله عليه و سلم : " رُفِعْتُ إلى السِّدْرَةِ ، فإذا أرْبَعَةُ أنْهارٍ : نَهَرانِ ظاهِرانِ و نَهَرانِ باطِنانِ ، فأمَّا الظّاهِرانِ : النِّيلُ و الفُراتُ ، و أَمَّا الباطِنانِ : فَنَهَرانِ في الجَنَّةِ " أخرجه البخاري ( 5610 ) ، و مسلم ( 162 ) . لقد ذهب أهل التأويل إلى القول بأن النيل يمثل حرف الألف الذي بدوره يمثل الإمام المهدي عليه السلام ، و نهر النيل في عالم الحقيقة و التأويل يعتبر إتحاد لبحر الخليقة مع بحر الألوهية ، و ما نهر النيل إلا إتحاد و اقتران النيل الأزرق ممثلاً لبحر الألوهية و الأسرار و النيل الأبيض ممثلاً لبحر الخليقة و الإظهار . و لذلك ؛ قال الله تعالى على لسان نبي الله موسى عليه السلام في رحلته للبحث عن الحقيقة : " وَ إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ( 60 ) " سورة الكهف . فأنا نبي الله موسى عليه السلام ؛ فقد كان يمثل النيل الأبيض و الشريعة و الظواهر ، و ولي الله تعالى الخضر عليه السلام ؛ فقد كان يمثل النيل الأزرق و الحقيقة و البواطن . و أما بالنسبة للإمام المهدي عليه السلام ؛ فإنه يكون جامعا بين الشريعة و الحقيقة كلاهما ، بل إنه ـ عليه السلام ـ إنامهما في آخر الزمان ؛ لقوله صلى الله عليه و سلم : "  " وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَيُهِلَّنَّ ابْنُ مَرْيَمَ بِفَجِّ الرَّوْحَاءِ حَاجًّا ، أَوْ مُعْتَمِرًا ، أَوْ لَيَثْنِيَنَّهُمَا " صحيح مسلم | كِتَابٌ : الْحَجُّ | بَابٌ : إِهْلَالُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ ، وَ هَدْيُهُ . فما " الحج " إلا تعبير عن إمامته في " عالم التشريع و الظاهر " ، و ما " العمرة " إلا تعبير عن إمامته في " عالم التأويل و الباطن " عند العارفين بالله تعالى .
     


و الله تعالى أعلم .
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
.............. يتبع بإذن الله تعالى .............

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كَلِمَةُ خِتَامِيَّةُ لِلْجُزْءِ الثاني مِنْ سِلْسلَةٍ : " الأحمدية ... حِزْبُ اللهِ " .

 الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة . سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 72 : الموضوع : كَلِمَةُ خِتَامِيَّةُ لِلْجُزْءِ الثاني مِنْ سِلْسلَةٍ : " الأحمدية ... حِزْبُ اللهِ " . ـ ؛ بعنوان : " عَلَاَمَاتُ الْمَهْدِيِّ الْحَقِيقِيِّ. ، وَ حَقِيقَةُ مَعْرِفَتِهِ لِنَفْسُهُ " ـ .       لقد قلنا في مقال سابق بفضل الله تعالى أن الإمام المهدي عليه محجوب عن الخلق على عكس الأولياء المحمديين رضي الله تعالى عنهم و رضوا عنه ، أي أن الله تعالى لم يفتح عليه أمام الخلق كما فتح على الأولياء .       إن هذا القول لا يعني بأن الإمام المهدي عليه السلام أقل درجة منهم ، لأن الخليفة الثاني رضي الله تعالى عنه و رضي عنه كان من المفتوح عليهم ، كما يتبين من قصة " يا سارية الجبل " . في حين لم يكن الخليفة الأول من المفتوح عليهم ، و مع ذلك ؛ قد  وصل إلى مقام الصديقية بيقينه ؛ يقول ـ رضي الله تعالى عنه و رضي عنه ـ : " لو كُشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً " . فهذا من قوة يقينه ، و اليقين أقوى درجات الإيمان . و كذلك الأمر بالنسبة

شرح قصيدة بن عربي في بيان حقيقة الختم الولي .

  الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة . سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 52 : الموضوع : شرح قصيدة بن عربي في بيان حقيقة الختم الولي .      يقول الشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي رضي الله تعالى عنه و رضي عنه : ـ و متى وقعتَ على مفتِّش حكمةٍ * مستُورةٍ في الغضّة الحوراء . ـ مُتحيّرٍ مُتشوّفٍ قلنا له * يا طالب الأسرار في الإسراء . ـ أسرِعْ فقد ظفِرَتْ يداك بجامِعٍ * لحقائق الأموات و الأحياء . ـ نظرَ الوجودَ فكان تحت نعاله * من مستواهُ إلى قرارِ الماء . ـ ما فوقه من غاية يعنُو لها * إلّا هُو فَهْوَ مَصِّرِفُ الأشياء . ـ لبِسَ الرِّداء تنزُّهاً و إزارُهُ * لمّا أراد تكوّن الإنشاءِ . ـ فإذا أراد تمتُّعًا بوجوده * من غير ما نظرٍ إلى الرّقبَاء . ـ شالَ الرِّداء فلمْ يكنْ متكبِّرًا * و إزارَ تعظيمٍ على القرنَاءِ . ـ فبدا وجودٌ لا تقيُّدُه لنا * صفة و لا إسمٌ من الأسماء . ـ إنْ قيل من هذا و من تعني به * قلنا المحقّقُ آمِرُ الأمراء . ـ شمسُ الحقيقة قطبها و إمامُها * سرّ العباد و عالمُ العلماء . ـ عبدٌ تسَوَّدَ وجهه من همِّهِ * نورُ البصائر خاتِ

الإمام المهدي في قصيدة الشيخ الجيلي .

 الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة . سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 37 : الموضوع : الإمام المهدي في قصيدة الشيخ الجيلي .       يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي رحمه الله تعالى في كتابه " الإنسان الكامل في معرفة الأواخر و الأوائل " ؛ ما يلي : ـ ذاتٌ لـهـا في نفسها وجْهَـانِ * للسّفل وجهٌ و العُلا للثانـي . ـ و لكلّ وجْهٍ في العـبـارة و الأدا * ذاتٌ و أوصافٌ و فِعْلُ بَيَانِ . ـ إن قلت واحدة صدقْتَ و إنْ تقُلْ * اثـنانِ حـقّاً إنّـه اثنـانِ . ـ أو قلتَ لا بل إنّهُ لمثلّثٌ * فصدقْتَ ذاك حقيقةُ الإنسانِ . ـ أنظر إلى أحدية هي ذاتُهُ * قل واحدٌ أحدٌ فريدُ الشانِ . ـ و لئن ترى الذاتين قلت لكِوْنِهِ * عبدًا و ربًّا إنّه اثنانِ . ـ و إذا تصّفحتَ الحقيقة و التي * جمَعَتْهُ ممّا حكمُه ضدّانِ . ـ تحتارُ فيهِ فلا تقولُ لسُفلِه * علو و لا لعلوّه داني . ـ بل ثمّ ذلك ثالثاً لحقيقة * لحقت حقائق ذاتها وصْفانِ . ـ فهي المسمّى أحمد من كون ذا * و محمّد لحقيقة الأكوانِ.  ـ و هو المعرّف بالعزيز و بالهدى * من كونه ربّاً فداهُ جناني . ـ يا مركز الب