التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الْفَرْقُ بَيْنَ " خَاتِمَ الْخُلَفَاءِ " وَ الْخُلَفَاءُ رَضِّيَّ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَ رَضِّيٌّ عَنْهُ .

 الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة .
سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 63 :
الموضوع :

الْفَرْقُ بَيْنَ " خَاتِمَ الْخُلَفَاءِ " وَ الْخُلَفَاءُ رَضِّيَّ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَ رَضِّيٌّ عَنْهُ .






يقول الشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي رضي الله تعالى عنه و رضي عنه : " قوله : " إن الله خلق آدم على صورته " : فقد أدخله الجود الإلهي في الميزان ، فيوازن بصورته حضرة موجدة ذاتا و صفة و فعلا . و لا يلزم من الوزن الاشتراك في حقيقة الموزونين ، فإن الذي يوزن به الذهب المسكوك ؛ هو صنجة حديد . فليس يشبهه في ذاته و لا صفته و لا عدده . فيعلم أنه لا يوزن بالصورة الإنسانية ؛ إلا ما تطلبه الصورة بجميع ما تحوي عليه بالأسماء الإلهية التي توجهت على إيجاده ، و أظهرت آثارها فيه.  و كما لم تكن صنجة الحديد توازن الذهب في حدّ و لا حقيقة و لا صورة عين . كذلك العبد ، و إن خلقه الله على صورته ؛ فلا يجتمع معه في حد و لا حقيقة . إذ لا حد لذاته ، و الإنسان محدود بحد ذاتي لا رسمي و لا لفظي ، و كل مخلوق على هذا الحد . و الإنسان أكمل المخلوقات و أجمعها من حيث نشأته و مرتبته ، فإذا وقفت على حقيقة هذا الميزان ؛ زال عنك ما توهمته في الصورة من أنه ذات و أنت ذات و إنك موصوف بالحي العالم و سائر الصفات ـ و هو كذلك ـ . و تبين لك بهذا الميزان ؛ أن الصورة ليس المراد بها هذا . و لهذا جمع في صورة واحدة " خَلَقَ الْإِنْسانَ و وَضَعَ الْمِيزانَ " ، و أمرك أن تقيمه من غير طغيان و لا خسران . و ما له إقامة إلا على حد ما ذكرت لك ، فإنه الله الخالق و أنت العبد المخلوق ، و كيف للصنعة أن تكون تعلم صانعها ؟ و إنما تطلب الصنعة من الصانع صورة علمه بها لا صورة ذاته ، و أنت صنعة خالقك ، فصورتك مطابقة لصورة علمه بك ، و هكذا كل مخلوق . ولو لم يكن الأمر كذلك ، و كان يجمعكما حد و حقيقة كما يجمع زيدا و عمرا ، لكنت أنت إلها أو يكون هو مألوها حتى يجمعكما حد واحد ، و الأمر على خلاف ذلك . فاعلم بأي ميزان تزن نفسك مع ربك ، و لا تعجب بنفسك ، و اعلم أنك صنجة حديد وزن بها ياقوتة يتيمة ، لا أخت لها ، و إن اجتمعت معها في المقدار ، فما اجتمعت معها في القدر و لا في الذات و لا في الخاصية ـ تعالى الله ـ ،  فالزم عبوديتك ، و اعرف قدرك " كتاب " الفتوحات المكية " .
أقول :
      فما من كلام أوضح من هذا في التفريق بين المتحقّقين بالخلافة و الولاية و خاتمهما ـ صاحب الأحدية و الذات ـ . فهو الأصلُ و هم الظلُّ . 
      إن تحقّق الأولياء رضي الله تعالى عنهم و رضوا عنه و الأنبياء عليهم السلام إنما هو تحقّق بالعلم و الصفات ، على عكس خاتم الأولياء و الخلفاء فهو بالذات . فلقد و صفه بالياقوتة اليتيمة التي لا نظير لها ـ صاحب الكنه ـ . فأقم الميزان للتفريق بينهم .
      يقول الشيخ الأكبر تلميحاً لهذا المقام المبارك : " فرأيتُ ختم الأولياء الله الحقّ في مقعد الإمامة الإحاطية و الصدق . فكشف لي عن سرّ محتده ، و أمرت بتقبيل يده ، و رأيتُه متدليّاً على الصدّيق و الفاروق ، متدانياً من الصّادق المصدوق ، محاذياً له من جهة الإذن ، قد ألقى السمع لتلقّي الإذن ، و لو تقدّمه منشور ، و خاتماه نور على نور ، فكان له في ذلك الجمع الظهور ، و ما عداه فيه كلابس ثوبي زور " كتاب : " عنقاء مغرب " . 
أقول : 
فقوله : " فما عداهُ كلابس ثوبي زور " إشارة إلى أنه الأصلُ و غيرهُ الظل . فهو صاحب لواء الذات ـ " فرأيتُ ختم الأولياء الله الحقّ " ـ .
     يقول الشيخ الأكبر رضي الله تعالى عنه و رضي عنه في وصفه :  " و أقسم لك بهذا البلد إنّه للسيّد الصّمد " كتاب : " عنقاء مغرب " . و لا صمد  إلاّ الله تعالى ؛ بدليل قوله تعالى : " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ. " . و لا صمد سواهُ ؛ بدليل قوله تعالى : " هُوَ " . 
      يقول الشيخ الجيلي رضي الله تعالى عنه و رضي عنه : "  فمتى ما ظهر الحقّ تعالى في مظهر بذاته ، كان ذلك المظهر ؛ هو : " خليفة الله " في أرضه . و إليه الإشارة في قوله تعالى : " وَ لَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ " . يعني : الصالحين للوراثة الإلهية ... " كتاب : " الإنسان الكامل في معرفة الأواخر و الأوائل " ، باب : " في الزبور " .
يقول الشيخ الجيلي رضي الله تعالى عنه و رضي عنه واصفا الإمام المهدي الختم الولي : " فقد سبق أن قلنا أن الحقّ إذا تجلّى على عبده و أفناه عن نفسه ؛ قام فيه لطيفة إلهية . فتلك اللّطيفة قد تكونُ ذاتية و قد تكونُ صفاتية . فإذا كانت ذاتية ؛ كان ذلك الهيكل الإنسانيّ هو الفرد الكامل و الغوث الجامع ، عليه يدورُ الوجود ، و له يكون الركوع و السجود ، و به يحفظ الله العالم ، و هو المعبّر عنه بالمهدي و الخاتم و هو " الخليفة " . و أشار إليه في قصة آدم ، تنجذبُ حقائق الموجودات إلى امتثال أمره انجذاب الحديد إلى المغناطيس ، و يقهر الكون بعظمته ، و يفعل ما يشاء بقدرته ، فلا يُحجبُ عنه شيء ، و ذلك أنّه لمّا كانت هذه اللطيفة الإلهية في هذا الوليّ ذاتاً ساذجاً غير مقيّد برتبة ، لا حقيقة إلهية و لا خلقيّة عبديّة ، و هذاأعطى كلّ رتبة من رتبة الموجودات الإلهية الخلقية حقّها ، ... " كتاب : " الإنسان الكامل في معرفة الأواخر و الأوائل " .
أقول :
      فأنظر كيف بين الشيخ الجيلي رضي الله تعالى عنه و رضي عنه أنَّ صاحب اللّطيفة الذاتية هو الفرد الكامل و الغوث الجامع . و أن غيرُه قد أقام فيهم الحقّ لطيفة صفاتية .
يقول الشيخ الأكبر رضي الله تعالى عنه و رضي عنه :
ـ إنْ قيل من هذا و من تعني به * قلنا المحقِّقُ آمِرُ الأمراء .
ـ شمسُ الحقيقة قطبها و إمامُها * سرّ العباد و عالمُ العلماء .
ـ عبدٌ تسَوَّدَ وجهه من همِّهِ * نورُ البصائر خاتِمُ الخلفاء .
ـ سهل الخلائقِ طيّبٌ عذبُ الجنى * غوثُ الخلائق أرحَمُ الرُّحماء .
ـ جَلَّتْ صفاتُ جلالِهِ و جمالِهِ * و بهاءُ عزّتِهِ عَنِ النُّظراء .
كتاب " الفتوحات المكية " ، المقدمة .
أقول :
فأنظر كيف نزّه الشيخ الأكبر الإمام المهدي عن النظير و المشابهة ، حتى جعله سرّ العباد . بل قد وصفه بأوصاف الإله ؛ يقول ـ رضي الله تعالى عنه و رضي عنه و رضي عنه ـ على ما نسب إليه : 
ـ قالوا لقد ألحقتَهُ بإلهَنِاَ * في الذات و الأوصاف و الأسماء .
و أجابهم :
ـ فبأيّ معنى تعرفُ الحقّ الذي * سوّاك خلْقًا في دُجَى الأحشاء .
أي أنّ معرفة الحقّ تقضي بوجود سرّه في خلقه ، فوجبَ وجود صاحبِ هذه المرتبة الذي ظهرتْ به المخلوقات ، و هو الإمام المهدي عليه السلام .





و الله تعالى أعلم .
 و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
............... يتبع بإذن الله تعالى ..............

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شرح قصيدة بن عربي في بيان حقيقة الختم الولي .

  الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة . سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 52 : الموضوع : شرح قصيدة بن عربي في بيان حقيقة الختم الولي .      يقول الشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي رضي الله تعالى عنه و رضي عنه : ـ و متى وقعتَ على مفتِّش حكمةٍ * مستُورةٍ في الغضّة الحوراء . ـ مُتحيّرٍ مُتشوّفٍ قلنا له * يا طالب الأسرار في الإسراء . ـ أسرِعْ فقد ظفِرَتْ يداك بجامِعٍ * لحقائق الأموات و الأحياء . ـ نظرَ الوجودَ فكان تحت نعاله * من مستواهُ إلى قرارِ الماء . ـ ما فوقه من غاية يعنُو لها * إلّا هُو فَهْوَ مَصِّرِفُ الأشياء . ـ لبِسَ الرِّداء تنزُّهاً و إزارُهُ * لمّا أراد تكوّن الإنشاءِ . ـ فإذا أراد تمتُّعًا بوجوده * من غير ما نظرٍ إلى الرّقبَاء . ـ شالَ الرِّداء فلمْ يكنْ متكبِّرًا * و إزارَ تعظيمٍ على القرنَاءِ . ـ فبدا وجودٌ لا تقيُّدُه لنا * صفة و لا إسمٌ من الأسماء . ـ إنْ قيل من هذا و من تعني به * قلنا المحقّقُ آمِرُ الأمراء . ـ شمسُ الحقيقة قطبها و إمامُها * سرّ العباد و عالمُ العلماء . ـ عبدٌ تسَوَّدَ وجهه من همِّهِ * نورُ الب...

كَلِمَةُ خِتَامِيَّةُ لِلْجُزْءِ الثاني مِنْ سِلْسلَةٍ : " الأحمدية ... حِزْبُ اللهِ " .

 الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة . سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 72 : الموضوع : كَلِمَةُ خِتَامِيَّةُ لِلْجُزْءِ الثاني مِنْ سِلْسلَةٍ : " الأحمدية ... حِزْبُ اللهِ " . ـ ؛ بعنوان : " عَلَاَمَاتُ الْمَهْدِيِّ الْحَقِيقِيِّ. ، وَ حَقِيقَةُ مَعْرِفَتِهِ لِنَفْسُهُ " ـ .       لقد قلنا في مقال سابق بفضل الله تعالى أن الإمام المهدي عليه محجوب عن الخلق على عكس الأولياء المحمديين رضي الله تعالى عنهم و رضوا عنه ، أي أن الله تعالى لم يفتح عليه أمام الخلق كما فتح على الأولياء .       إن هذا القول لا يعني بأن الإمام المهدي عليه السلام أقل درجة منهم ، لأن الخليفة الثاني رضي الله تعالى عنه و رضي عنه كان من المفتوح عليهم ، كما يتبين من قصة " يا سارية الجبل " . في حين لم يكن الخليفة الأول من المفتوح عليهم ، و مع ذلك ؛ قد  وصل إلى مقام الصديقية بيقينه ؛ يقول ـ رضي الله تعالى عنه و رضي عنه ـ : " لو كُشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً " . فهذا من قوة يقينه ، و اليقين أقوى درجات الإيمان . و كذلك الأمر بالنسبة ...

مراتب الولاية ، و العلاقة بين " الولي " و " الخليفة " .

 الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة . سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 51 : الموضوع : مراتب الولاية ، و العلاقة بين " الولي " و " الخليفة " .       إن للولاية مرتبتان : الأولى : الولاية العامة : و هي لسائر المؤمنين ؛ بدليل قوله تعالى : " اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ( 257 ) " سورة البقرة . الثانية : الولاية الخاصة : و هي لأهل الولاية الكبرى و الخلافة العظمى ؛ بدليل قوله تعالى : " أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّـهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لَا هُمْ يَحْزَنُونَ ( 62 ) الَّذِينَ آمَنُوا وَ كَانُوا يَتَّقُونَ ( 63 ) لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَ فِي الْآخِرَةِ ۚ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّـهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( 64 ) " سورة يونس .       لا شك ...