التخطي إلى المحتوى الرئيسي

" الحقائق الروحانية لأوصاف المهدي الجسدية " .

 الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة .

سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 42 :

الموضوع :

" الحقائق الروحانية لأوصاف المهدي الجسدية " ـ الجزء الأول ـ .



      إن للإمام الأئمّة المهدي عليه السلام أوصافا معنوية و مادية ؛ لها حقيقتها و دلالتها على إمامته العليا . فكلّ وصفٍ جسميّ له دلالته على الباطن و الحقيقة . و ذلك كما كان للنبي صلى الله عليه و سلم أوصافا معنوية و مادية دالّةً على اعتداله و جماله و كماله الإنسانيّ المادي و الروحاني الذي ليس فوقه اعتدال و جمال و كمال .
      لقد حدد النبي صلى الله عليه و سلم مواصفات للإمام المهدي عليه السلام ؛ بقوله مثلا :
أولا : " الْمَهْدِيُّ مِنِّي ، أَجْلَى الْجَبْهَةِ ، أَقْنَى الْأَنْفِ ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَ ظُلْمًا ، يَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ " سنن أبي داود | أَوَّلُ كِتَابِ الْمَهْدِي .
ثانيا : "المهدي منا أهل البيت أشمّ الأنف أقنى أجلى يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما " .
ثالثا : " المهدي رجل من ولدي ، وجهه كالكوكب الدري ، اللون لون عربي ، و الجسم جسم إسرائيلي " .
رابعا : " وجهه كأنّه كوكب درّيّ ، في خدّه  الأيمن خال " .




أقول :
      يتبين من الأحاديث النبوية المشرفة أن الإمام المهدي عليه السلام ولد للنبي صلى الله عليه و سلم ، فهو رجل من أهل البيت ، و أهل بيت النبي صلى الله عليه و سلم هم أصحاب العقيدة الصحيحة الصافية من رجس الشرك و أنواع البدعات . و مع كونه ـ عليه السلام ـ من ولد فاطمة إلا أن جسمه جسم إسرائيلي ، أي أنه ليس من بني إسماعيل من جهة الأب ، بل من جهة الأم . فهو من بني إسحاق الذين هم من بني إسرائيل ، و ذلك علما بأن الفرس من بني إسحاق . أي أن الإمام المهدي عليه السلام فارسي إسرائيلي الأب عربي إسماعلي الأم .  و أمّا كونه " إسرائيليّ الجسم" ؛ فقد بينا معناها في مقال سابق بالتفصيل لمن شاء الرجوع إليه .

      لا شك أن الله تعالى ؛ هو : " العالم الحقيقي " ؛ بدليل قوله تعالى : " { عٰلِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهٰدَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ } [ سورة الرعد : 9 ] . و لذلك قد أقامَ ـ عز و جل ـ عند آخر الزمان الخلافة الذاتية ، و ذلك في شخص الخليفة الذاتي ، أي الإمام المهدي عيسى ابن مريم المحمدي عليه السلام ؛ لقوله صلى الله عليه و سلم : " فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَبَايِعُوهُ ، وَ لَوْ حَبْوًا عَلَى الثَّلْجِ ، فَإِنَّهُ خَلِيفَةُ اللَّهِ الْمَهْدِيُّ " سنن ابن ماجه | كِتَابُ الْفِتَنِ | بابٌ : خُرُوجُ الْمَهْدِيِّ . فيبعثه الله تعالى ليُقيمَ ميزانَ الحقائق ، و ليعودَ إليه كلّ شيءٍ ، و لينسلخَ ليلُ الشرك و الكفر بيوم التوحيد و الإيمان . فهو ـ عليه السلام ـ صاحب الأمر العادل القاسط . أي أنه الإمام الأعلى النّاهي الآمر ، و هو المعنيّ ؛ بقوله تعالى : " وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ " [ سورة الزخرف : 84 ] . فهو صاحب سرّ الأحدية و الهويّة و الذات في السّماء ، و هو المسمّى الخليفة في الأرض من كونِه الإنسان الذي اصطفاهُ الله تعالى و خلقه على صورته ـ عز و جل ـ . و لمّا كانت هذه حقائقُ عند السلف الصالح ؛ فقد سمّى الأئمة رحمهم الله تعالى الإمام المهدي عليه السلام ؛ ب : " القائم بأمر الله " . فأنظُرْ ـ هداك الله تعالى ـ في هذا الإسم المعلوم و هذا الوصف الدقيق و هدا اللّقب الرفيع . فهو " القائم " بما يصدرُ من أمرِ الله تعالى ، فأمرُهُ ـ عليه السلام ـ هو أمرُ الله تعالى بذاته ، و هو الذي إليه الأمرُ و الفصل و الحكمُ .
      لقد وصف النبي صلى الله عليه و سلم الإمام المهدي عليه السلام بأنه أجلى الجبهة أقنى الأنف ، أو أعلى الجبهة أشمّ الأنف . و كما أن لهذه الأوصاف معنى ظاهري ينطبق على الإمام المهدي الحقيقي ، فإن لها معنى باطني لا يتحقق إلا به ـ عليه السلام ـ . فالقنى هو اعتدال الأنف و طول رقبته و رقتّها و انكسارها ، و هذا رمز من النبي صلى الله عليه و سلم للتعبير عن عزّة الإمام المهدي و كبريائه ، مما يدل على كونه ـ عليه السلام ـ صورة الله تعالى في الأرض و كونه خليفة الله تعالى الذاتي ؛ لأن العزة و الكبرياء لا تكون إلا له ـ عز و جل ـ . و أما أجلى الجبهة أو أعلى الجبهة ، فهو إشارة منه ـ صلى الله عليه و سلم ـ إلى رمز النّصرة على العدوّ ، و ظهور الحقّ به ، بل و سطوعه بواسطته . فسيرة الإمام المهدي عليه السلام بين اللّين و العنف ؛ فهو الإمام العادل للمظلومين و المقسط للمساكين . و هو الإمام المعاقب للخصوم و المعذب للأعداء . فهو سر الله عز و جل في الأرض و محل نظره ـ تعالى ـ إليها .  



و الله تعالى أعلم .
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
............. يتبع بإذن الله تعالى .................

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شرح قصيدة بن عربي في بيان حقيقة الختم الولي .

  الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة . سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 52 : الموضوع : شرح قصيدة بن عربي في بيان حقيقة الختم الولي .      يقول الشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي رضي الله تعالى عنه و رضي عنه : ـ و متى وقعتَ على مفتِّش حكمةٍ * مستُورةٍ في الغضّة الحوراء . ـ مُتحيّرٍ مُتشوّفٍ قلنا له * يا طالب الأسرار في الإسراء . ـ أسرِعْ فقد ظفِرَتْ يداك بجامِعٍ * لحقائق الأموات و الأحياء . ـ نظرَ الوجودَ فكان تحت نعاله * من مستواهُ إلى قرارِ الماء . ـ ما فوقه من غاية يعنُو لها * إلّا هُو فَهْوَ مَصِّرِفُ الأشياء . ـ لبِسَ الرِّداء تنزُّهاً و إزارُهُ * لمّا أراد تكوّن الإنشاءِ . ـ فإذا أراد تمتُّعًا بوجوده * من غير ما نظرٍ إلى الرّقبَاء . ـ شالَ الرِّداء فلمْ يكنْ متكبِّرًا * و إزارَ تعظيمٍ على القرنَاءِ . ـ فبدا وجودٌ لا تقيُّدُه لنا * صفة و لا إسمٌ من الأسماء . ـ إنْ قيل من هذا و من تعني به * قلنا المحقّقُ آمِرُ الأمراء . ـ شمسُ الحقيقة قطبها و إمامُها * سرّ العباد و عالمُ العلماء . ـ عبدٌ تسَوَّدَ وجهه من همِّهِ * نورُ الب...

كَلِمَةُ خِتَامِيَّةُ لِلْجُزْءِ الثاني مِنْ سِلْسلَةٍ : " الأحمدية ... حِزْبُ اللهِ " .

 الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة . سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 72 : الموضوع : كَلِمَةُ خِتَامِيَّةُ لِلْجُزْءِ الثاني مِنْ سِلْسلَةٍ : " الأحمدية ... حِزْبُ اللهِ " . ـ ؛ بعنوان : " عَلَاَمَاتُ الْمَهْدِيِّ الْحَقِيقِيِّ. ، وَ حَقِيقَةُ مَعْرِفَتِهِ لِنَفْسُهُ " ـ .       لقد قلنا في مقال سابق بفضل الله تعالى أن الإمام المهدي عليه محجوب عن الخلق على عكس الأولياء المحمديين رضي الله تعالى عنهم و رضوا عنه ، أي أن الله تعالى لم يفتح عليه أمام الخلق كما فتح على الأولياء .       إن هذا القول لا يعني بأن الإمام المهدي عليه السلام أقل درجة منهم ، لأن الخليفة الثاني رضي الله تعالى عنه و رضي عنه كان من المفتوح عليهم ، كما يتبين من قصة " يا سارية الجبل " . في حين لم يكن الخليفة الأول من المفتوح عليهم ، و مع ذلك ؛ قد  وصل إلى مقام الصديقية بيقينه ؛ يقول ـ رضي الله تعالى عنه و رضي عنه ـ : " لو كُشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً " . فهذا من قوة يقينه ، و اليقين أقوى درجات الإيمان . و كذلك الأمر بالنسبة ...

مراتب الولاية ، و العلاقة بين " الولي " و " الخليفة " .

 الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة . سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 51 : الموضوع : مراتب الولاية ، و العلاقة بين " الولي " و " الخليفة " .       إن للولاية مرتبتان : الأولى : الولاية العامة : و هي لسائر المؤمنين ؛ بدليل قوله تعالى : " اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ( 257 ) " سورة البقرة . الثانية : الولاية الخاصة : و هي لأهل الولاية الكبرى و الخلافة العظمى ؛ بدليل قوله تعالى : " أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّـهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لَا هُمْ يَحْزَنُونَ ( 62 ) الَّذِينَ آمَنُوا وَ كَانُوا يَتَّقُونَ ( 63 ) لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَ فِي الْآخِرَةِ ۚ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّـهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( 64 ) " سورة يونس .       لا شك ...