الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة .
سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 35 :
الموضوع :
" إثبات الإمامة على الاطلاق من غير اختلاف " ـ الجزء الأول ـ .
يقول الشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي رضي الله تعالى عنه و رضي عنه : " إعلم أنّ الإمامة ؛ هي المنزلة التي يكون النازل فيها إماماً متبوعا ، و كلامه مسموعا ، و عقده لا يُحلّ ، و ضرب مهندّه لا يُفلّ ، إذا همّ أمضى ، و لا راد لما به قضى ، حسامُهُ مصلت ، و كلامُه مصمت ، لا يجدُ الغرضُ مدخلاً إليه ، و إن رامَ اعتراضاً عوقب عليه ، و قد أثبتها كبرى و أكبر و صغرى و أصغر " فصل " إثبات الإمامة على الاطلاق من غير اختلاف " من كتاب " عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء و شمس المغرب " .
أقول :
يريد الشيخ الأكبر رضي الله تعالى عنه و رضي عنه هنا تعريفنا بصاحب الإمامة العظمى .
؛ ثم أكمل قائلا في نفس الفصل : " و حكم الإمام على قمسين : لما كان الإمام إمامين : ناطق . مضمّن نطقاً ، و صادق و مودع صدقاً ، كالإمام الذي هو الكتاب الصحيح الذي يشهد عليه بالتصريح ، فيحكم عليه الكتاب بما شاء كيف شاء . و لذلك قال الصادق المختار : " فيسبق عليه الكتاب فيدخل النار " .
أقول :
يريدُ الشيخ الأكبر هنا أنّ يبين لنا أن الإمامة التي استودعها الله تعالى على قسمين :
الأولى : الكتاب . و هو الإمام المبين الذي أحصى الله عز و جل فيه كلّ شيء ، فهو العقل الأوّل ، و هو الرّوح الأعظم الذي تجلّى الله تعالى فيه بأقضيته و أقداره و تجليّاته .
ثانيا : الإمام الذي خصّ بهذا الكتاب . و هو العبد المخصوص الذي خص بنزول هذا الكتاب عليه . فهو الإمامُ النّاطقُ بهذا الكتاب حرفاً ، و الحاكمُ به عدلاً ، و القاضي فيه قضاءً . فكان العبدُ من جنس الكتاب محكمٌ لا عوج فيه ؛ بدليل قوله تعالى : {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا ( 1 ) } سورة الكهف . فهما متجانسان تامّان ؛ لقوله صلى الله عليه و سلم : " إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ ، أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الْآخَرِ : كِتَابُ اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ، وَ عِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي ، وَ إِنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ " مسند أحمد | مُسْنَدُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . فهما إمامان إلا أنهما إمام واحدٌ في الحقيقة و الحكم ؛ لقوله صلى الله عليه و سلم : " وَ إِنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ " .
لقد خص الله تعالى خلافته التامة في آخر الزمان بالإمام المهدي عليه السلام ؛ لقوله صلى الله عليه و سلم : " إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّايَاتِ السُّودَ قَدْ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ خُرَاسَانَ فَائْتُوهَا ، فَإِنَّ فِيهَا خَلِيفَةَ اللَّهِ الْمَهْدِيَّ " مسند أحمد | مُسْنَدُ الْأَنْصَارِ | وَ مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ . و لذلك اقترنتْ خلافته التامة بالعدل التامّ ؛ لقوله صلى الله عليه و سلم : " أُبَشِّرُكُمْ بِالْمَهْدِيِّ ، يُبْعَثُ فِي أُمَّتِي عَلَى اخْتِلَافٍ مِنَ النَّاسِ وَ زَلَازِلَ ، فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَ عَدْلًا ، كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَ ظُلْمًا " مسند أحمد |مُسْنَدُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . لأنه ـ عليه السلام ـ هو الذي يحكم بكتاب الله تعالى حكما عادلا مطلقا نصرة للتوحيد و الإيمان و دحرا للشرك و الكفر . فهو صاحب الكتاب لكونه حاكما به على الخلائق . و من هنا تبرز نكتة لطيفة ، و هي أن النبي صلى الله عليه و سلّم رسول الشريعة و الأحكام ، و هو الدال على العبودية و الهداية و المحجّة البيضاء لمعرفة المعبود الحقيقي الأوحد ، و ما أنزل الله تعالى عليه القرآن الكريم إلا ليعلّم الناس هذا السبيل . أما الإمام المهدي عليه السلام ، فهو الخليفة الحاكمُ بهذا القرآن . فيحكمه إظهارا للعدل التام و الحكم الفصل . فيحاجج بالقرآن الكريم أهل الشرك و البدعة مثل المسيح الدجال و أتباعه اليهود و عملائه من المشايخ المضلين . و لذلك ؛ فإن من أهم علامات الإمام المهدي المعهود و المسيح ابن مريم الموعود أن يظهرُ بعلم القرآن الكريم علماً فريداً لم يعلمه غيره . فيقيمُ به الحجّة على خاتمية القرآن الكريم و النبوة المحمدية و الشريعة الإسلامية .
؛ ثم يقول ـ رضي الله تعالى عنه و رضي عنه ـ في نفس الفصل : " فإمام الأئمة كلّها هاديها و مضلّها { لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا } " .
أقول :
و معنى كلامه ـ رضي الله تعالى عنه و رضي عنه ـ أن الهداية و الضلال بيد الإمام المهدي عليه السلام ؛ بإعتباره خليفة ذاتي لله تعالى الذي بيده الهداية و الضلال . فمن اتبعه و حكم عليه ـ عليه السلام ـ بالهداية ؛ فهو : " المهتدي " ، و من خالفه و حكم عليه ـ عليه السلام ـ بالضلال ؛ فهو : " الضال " . و لو كان هناك إمام غيره متفقا معه أو مختلف كما يزعم من لا عقل له ؛ لاختلفا في الحكم على الناس بالهداية أو بالضلال .
؛ ثم يقول ـ رضي الله تعالى عنه و رضي عنه ـ في نفس الفصل : " ... و الإمام الأكبرُ المُتَّبَعُ الذي إليه النهاية و المرجع ، و تنعقد عليه أمور الأمّة أجمع ، و كلّ إمام لا يُخالف في إمامته إذا ظهر بعلامته ، وكلّ إمام تحت أمر هذا الإمام الكبير . كما أنّه تحت قهر القاهر القدير ، فهو الآخذ عن الحقّ ، و المُعطي بحقّ في حقّ ؛ فلا تخذلوه ، و انصروه ، و وقّروه ، و عزّروه ، فإنّه إلى هذه المنزلة الشريفة الإشارة بقوله : { إنّي جاعل في الأرض خليفة } . و لمّا وقع الإعتراض ـ قلت : ليس إعتراض ، بل طلب علم و استفسار ـ ؛ جعل المعترضين سجّدا بين يديه ، فاختصّ بخزي الأبد من أبى السجود . و ذلك حين بادر من امتثل الأمر و سجد ، وكفى بهذا شرفا للإنسان ، و كيف إذا انضاف إلى هذا كونه على صورة الرّحمن ، فله الفضل على جميع الوجود بالصّورة و السّجود ، فبالصورة صحّت له الإمامة ، و بالسجود صحّت له العلامة ، حتى شهد الحقّ أنّها له علامة . و لمّا كان الأمر على هذا الترتيب ، و أعطت الحكمة له هذا التقريب . كذلك هذه النشأة الإنسانية و النكتة الربانية فيها أئمة كما فيها أمم ، أمّة فوق أمّة إذ كان أمّ الكتاب و حضرة اللّباب " .
أقول :
فالنص صريح أن الإمام الأكبر هو الخليفة الذي صحّت له صورة الأصل الجامع بين الأضداد ، أي صحّت له الإمامة العليا التي ليس فوقها إمامة ، و صحّت له العلامة بالسجود لسرّه المودع فيه من سرّ الذات . فما سجدت الملائكة لآدم عليهم السلام لذاته ، و إنما لسره و نفخة روح الله فيه . فما الخليفة الحقيقي إلا الإمام المهدي ، و ما الخليفة آدم الأول إلا حامل سرّ المستخلف بذاته ـ " آدم الأخير " ـ . فأفهم هذا الكلام على غربته ، و لا تنكره لعدم معرفته .
و عليه ؛ فما صاحب " الكتاب " إلا الإمام الذي يحكم بالعدل على أهل الهدى و الضلال . فثبتت بذلك إمامته من غير إختلاف .
و الله تعالى أعلم .
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
............. يتبع بإذن الله تعالى .................
تعليقات
إرسال تعليق