التخطي إلى المحتوى الرئيسي

صلة المسيح الدجال بالرّبوبية من جهة النّضج الإنسانيّ ، و انفصاله من جهة أخرى عن سرّ الرّبوبية .


الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة .



سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 33 :



الموضوع :

صلة المسيح الدجال بالرّبوبية من جهة النّضج الإنسانيّ ، و انفصاله من جهة أخرى عن سرّ الرّبوبية .






      لقد بدأ النّضج في عالم الإنسانية ببعثة النبي صلى الله عليه و سلم ، و ذلك لأدلة كثيرة منها :

أولا : إتمام نعمة " النبوة " ؛ أي بختم كمالاتها عليه ـ صلى الله عليه و سلم ـ ، فلا نبي بعده يفوقه في كمالاته . و لا يستبدل الأدنى بالأعلى.


ثانيا : كمال الدين ـ أي : ببلوغ التشريع الإلهي المحمدي كماله ـ ، فلا دين بعده يفوقه في الكمال .

و لا يستبدل الأدنى بالأعلى.

ثالثا : خروج المسيح الدجال في زمنه ـ صلى الله عليه و سلم ـ الممتد إلى يوم القيامة ؛ مدعيا الألوهية ، و مغترا بما وصل إليه من علوم و معارف ـ و هذا الدليل هو موضوع هذا المقال ـ . و لذلك فمن الطبيعي أن ينزل المسيح المحمدي عليه السلام في زمن النبي صلى الله عليه و سلم حامِلاً لحقائق " العبودية " المقابلة " للرّبوبية " بتأييد من روح القدس لقتل المسيح الدجال . 


      لقد خرج المسيح الدجال و أتباعه من اليهود و أمثالهما من أمة النبي صلى الله عليه و سلم في هذا الزمن ، و ذلك لإنفصالهم جميعا عن روح القدس ؛ مما أدى بهم إلى عدم بلوغهم للإيمان الكامل . و لذلك كان من الضروري أن ينزل الله تعالى المسيح المحمدي عليه السلام بتأييد منه بروح القدس ؛ فيجعل في أتباعه إنعكاسا لهذا التأييد ، و ذلك بتلقي أتباعه أيضا نفحات من هذا القبس القدسي بأنواعه .


      لا شك أن بعثة النبي صلى الله عليه و سلم بعثة ثانية في شخص الإمام المهدي عيسى بن مريم المحمدي عليه السلام ستخرج حقائق الرّبوبية من سرّها ـ روح القدس ـ مرة أخرى بشكل ضروري و طبيعي ، لأنّ المسيح الدجّال منفصل عن سرّ الرّبوبية ، غارق في المادة .


      إن حقائق الرّبوبية تتنزّلُ على العبد بالعبودية ، و هذا هو الذي بلغه النبي صلى الله عليه و سلم في بعثته المباركة الأولى و الثانية ؛ لأنّ حقيقة الإنسان برزخية . فهو من حيث فرقه عبدٌ ، و من حيث جمعه موصول بالحضرة القدسيّة ، و الأخلاق التي يسعى أتباع النبي صلى الله عليه و سلم الكمل لتحصيلها إنما هي أخلاق الله تعالى ، كمحاولة منهم لإمتثال أمر إمامهم المتبوع ـ صلى الله عليه و سلم ـ  : " تخلّقوا بأخلاق الله " .


      لقد ورد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها و رضي عنها أن خلق النبيّ صلّى الله عليه و سلّم هو القرآن الكريم ، و لقد ورد أيضا في العديد من الأحاديث النبوية المشرفة أن خلق الإمام المهدي هو خلق النبي صلى الله عليه و سلم . و منه نستنتج أن أخلاق الإمام المهدي عليه السلام هي أخلاق القرءان الكريم ، و أن أخلاق القرآن الكريم و أخلاق الله تعالى واحدة . و عليه ؛ فإن خلق النبي و الإمام المهدي إنما هو غاية التحقّق بمدارج العبودية ، فالعبودية هي باب التحقّق بالكمالات الإلهية و الأخلاق الربّانية ، فأفهم هذه الحقائق و لا تنكرها كالجاهلين !


      إن صاحب الكمالات الإلهية و الأخلاق الربانية هو النبي صلّى الله عليه و سلّم من دون منازع ؛ بدليل قوله تعالى : { قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا۠ أَوَّلُ الْعٰبِدِينَ } [ سورة الزخرف : 81 ] . و لذلك ؛ ستحمل أمة النبي صلى الله عليه و سلم هذه الحقائق ، و بمثل هذا ؛ فضلت على من سبقها من الأمم . و خصوصها خاتم أوليائها و خلفائها ـ الإمام المهدي و المسيح المحمدي عليه السلام ـ . 


      لا شك أن رسالة النبيّ صلّى الله عليه و سلّم على ثلاثة أقسام :


القسم الأوّل : " قسم الشريعة " : و هو الذي بلّغه النبي صلى الله عليه و سلم بأمر الله تعالى .


القسم الثاني : " قسم الطريقة " : و هو الذي خيّره الله تعالى فيه ـ صلى الله عليه و سلم ـ تخيير رحمة في تبليغه لمن يستطيع على حمله من أهل الإرادة النقيّة .


القسم الثالث : " قسم الحقيقة " : و هو الذي أمره الله تعالى بكتمه . و الحق أن القسم الثاني و القسم الثالث متقتربان . و لذلك ؛ فقد ورد في بعض الروايات الشريفة و آثار السلف الصالح رحمهم الله تعالى عن بعض الصحابة الكرام ؛ أن النبي صلى الله عليه و سلم قد أخبرهم بحقائق و ألزمهم بكتمانها خشية أن يكذب الله تعالى و رسوله الكريم صلى الله عليه و سلم .


؛ و إن ومن فضل الله تعالى أن جمع للإمام المهدي ابن مريم المحمدي عليه السلام هذه الأقسام كلها ؛ فقد بعثه بالشريعة المحمدية الغراء و بالطريقة النقية الأحمدية و بالحقيقة المحمدية الأحمدية . فكان على علم بالربوبية و سرها على العكس المسيح الدجال و أتباعه من اليهود و عملائه من التقليديين من حيث علمه بسر " الربوبية " .






و الله تعالى أعلم .

و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

............. يتبع بإذن الله تعالى ................

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شرح قصيدة بن عربي في بيان حقيقة الختم الولي .

  الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة . سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 52 : الموضوع : شرح قصيدة بن عربي في بيان حقيقة الختم الولي .      يقول الشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي رضي الله تعالى عنه و رضي عنه : ـ و متى وقعتَ على مفتِّش حكمةٍ * مستُورةٍ في الغضّة الحوراء . ـ مُتحيّرٍ مُتشوّفٍ قلنا له * يا طالب الأسرار في الإسراء . ـ أسرِعْ فقد ظفِرَتْ يداك بجامِعٍ * لحقائق الأموات و الأحياء . ـ نظرَ الوجودَ فكان تحت نعاله * من مستواهُ إلى قرارِ الماء . ـ ما فوقه من غاية يعنُو لها * إلّا هُو فَهْوَ مَصِّرِفُ الأشياء . ـ لبِسَ الرِّداء تنزُّهاً و إزارُهُ * لمّا أراد تكوّن الإنشاءِ . ـ فإذا أراد تمتُّعًا بوجوده * من غير ما نظرٍ إلى الرّقبَاء . ـ شالَ الرِّداء فلمْ يكنْ متكبِّرًا * و إزارَ تعظيمٍ على القرنَاءِ . ـ فبدا وجودٌ لا تقيُّدُه لنا * صفة و لا إسمٌ من الأسماء . ـ إنْ قيل من هذا و من تعني به * قلنا المحقّقُ آمِرُ الأمراء . ـ شمسُ الحقيقة قطبها و إمامُها * سرّ العباد و عالمُ العلماء . ـ عبدٌ تسَوَّدَ وجهه من همِّهِ * نورُ الب...

كَلِمَةُ خِتَامِيَّةُ لِلْجُزْءِ الثاني مِنْ سِلْسلَةٍ : " الأحمدية ... حِزْبُ اللهِ " .

 الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة . سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 72 : الموضوع : كَلِمَةُ خِتَامِيَّةُ لِلْجُزْءِ الثاني مِنْ سِلْسلَةٍ : " الأحمدية ... حِزْبُ اللهِ " . ـ ؛ بعنوان : " عَلَاَمَاتُ الْمَهْدِيِّ الْحَقِيقِيِّ. ، وَ حَقِيقَةُ مَعْرِفَتِهِ لِنَفْسُهُ " ـ .       لقد قلنا في مقال سابق بفضل الله تعالى أن الإمام المهدي عليه محجوب عن الخلق على عكس الأولياء المحمديين رضي الله تعالى عنهم و رضوا عنه ، أي أن الله تعالى لم يفتح عليه أمام الخلق كما فتح على الأولياء .       إن هذا القول لا يعني بأن الإمام المهدي عليه السلام أقل درجة منهم ، لأن الخليفة الثاني رضي الله تعالى عنه و رضي عنه كان من المفتوح عليهم ، كما يتبين من قصة " يا سارية الجبل " . في حين لم يكن الخليفة الأول من المفتوح عليهم ، و مع ذلك ؛ قد  وصل إلى مقام الصديقية بيقينه ؛ يقول ـ رضي الله تعالى عنه و رضي عنه ـ : " لو كُشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً " . فهذا من قوة يقينه ، و اليقين أقوى درجات الإيمان . و كذلك الأمر بالنسبة ...

مراتب الولاية ، و العلاقة بين " الولي " و " الخليفة " .

 الجماعة الإسلامية الأحمدية ... حزب الله ، الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة . سلسلة : " الأحمدية ... حزب الله " 51 : الموضوع : مراتب الولاية ، و العلاقة بين " الولي " و " الخليفة " .       إن للولاية مرتبتان : الأولى : الولاية العامة : و هي لسائر المؤمنين ؛ بدليل قوله تعالى : " اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ( 257 ) " سورة البقرة . الثانية : الولاية الخاصة : و هي لأهل الولاية الكبرى و الخلافة العظمى ؛ بدليل قوله تعالى : " أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّـهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لَا هُمْ يَحْزَنُونَ ( 62 ) الَّذِينَ آمَنُوا وَ كَانُوا يَتَّقُونَ ( 63 ) لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَ فِي الْآخِرَةِ ۚ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّـهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( 64 ) " سورة يونس .       لا شك ...